فيصل خالد الخديدي
الفنان النابض بالفن عادة ما يكون دائم الحراك والتطور والبحث عن كل ما هو جديد ومفيد في إشباع نهمه الفني وتحقيق ذاته وبناء كيانه الإنساني بفن, ومتى ما كان الفنان - متمكناً من أدواته وذا تأسيس جيد وقاعدة فنية صلبة ومتابعاً لمستجدات مجاله وحريصاً على أدق تفاصيل فنه، أصبح فناناً مبهراً متجدداً متفرداً ملهماً لمن هم حوله, بل يصبح أكثر من ذلك بكثير وهو ما عاشه وتمثّله وحققه الفنان خالد الأمير الفنان الشامل الذي استطاع أن يموقع نفسه خارج إطار التقليدية وتجاوز التراتبية الهراركية في المجتمع الفني وتنقل برشاقة بين الأجيال التشكيلية والمدارس والمذاهب الفنية وقدم نفسه فناناً تشكيلياً ومصمماً وأبدع في الفن الرقمي من بداياته ومارس فن الفيديو والإخراج والموشن جرافيك والفنون الثلاثية الأبعاد ومحاكاة الواقع الافتراضي والواقع المعزز في رحلة من الإبداع المتنوع والمتطور الذي لم يركن للهدوء والسكينة إلا في شخصية الفنان التي تتسم بالهدوء والسمت.
الفنان خالد بن أحمد الأمير فنان سعودي من مواليد أبو عريش تخرَّج من معهد التربية الفنية بالرياض عام 1403هـ , ثم أكمل دراسته بالكلية المتوسطة عام 1409هـ ولم يطل به المقام معلماً في التعليم العام، حيث تقاعد مبكراً من العمل الحكومي في العام 1422هـ وتفرغ للفن وممارسته, شارك في الكثير من المعارض والملتقيات وحصلت أعماله على الكثير من الجوائز والمقتنيات, عمل على تطوير فنه وإمكاناته بشكل ذاتي قدم الكثير من الدورات في الفن الرقمي وعمل متعاوناً مع التلفزيون السعودي وبعض القنوات الفضائية, صمم العديد من الوصلات والمقدمات في البرامج التلفزيونية بالموشن جرافيك والبرامج المتنوعة وقدم مونتاج وإخراج وتصميم ديكورات عدد من البرامج التلفزيونية.
بدأ الفنان خالد الأمير مسيرته الفنية بأعمال واقعية وطرح من محيطه فحضرت المواضيع التي تمثّل الحياة اليومية للفنان والبيئة الجازانية وإرثها الغني في أعمال تنقلت بين الإنسانية والتوثيقية لكثير من العادات بأعمال واقعية وسريالية وتأثيرية وأخرى تجريدية في تنوع وتمكن أيضاً من الخامات بين الألوان الزيتية والأكريلك والجواش والأحبار وأقلام الرصاص وأقلام الفحم وبحث وتجريب في جميع الخامات التي يمكن أن يستفيد منها في عمله ولم يكن يرضي في أعماله بأقل من الإتقان والإداع في جميع تفاصيله.
روح التجديد المشتعلة في الفنان خالد الأمير جعلته يثب بثقة وسرعة بين الوسائط التي يمكن أن يدخلها في دائرة فنه وهو ما جعله من الرواد في استخدام الفن الرقمي على المستوى المحلي، بل أن أول مشاركة تسجل للفن الرقمي في المعارض الجماعية مكتملة الأركان كانت باسم الفنان خالد الأمير في المعرض الجماعي لمجموعة (درب النجا) عام 1998م, وعلى الرغم من تميز الفنان خالد الأمير في طرحه المبكر للفن الرقمي والاشتغال عليه في البدايات إلا أن ما يميزه أكثر هو استمراره وتطويره لأدواته الفنية في المجال الرقمي مع احتفاظه بعلاقته مع الألوان والرسم المباشر والتي لم تنقطع، بل تطورت جنباً إلى جنب مع الفن الرقمي فأصبح الفنان ثري بتجربته المتنوعة في الجانبين, وسجل حضوراً متطوراً في متابعته للفن الرقمي واستخدامه لآخر مستجدات التقنيات المعاصرة في الواقع الافتراضي والواقع المعزّز التي قدم منها مؤخراً العديد من الأعمال واستطاع الفنان أيضاً تحويل تصاميمه ثلاثية الأبعاد إلى أعمال حيَّة على أرض الواقع ومجسمات ميدانية في أكثر من مشروع تزييني محلي, إن قدرات الفنان خالد الأمير الابتكارية وإمكاناته المتطورة ومتابعته للمستجدات الحديثة في شتى المجالات التقنية والفنية التي تدخل ضمن دائرة إبداعاته واهتماماته جعلت منه حالة فريدة في الفن محلياً استطاع أن يلامس البدايات في أكثر من مجال ولا يزال نبضه مستمراً بفن متطور ويلامس كل معاصر ومستجد في واقعنا اليوم, وجعله مسكوناً بتحديث إمكاناته وتطوير أدواته ولو كان في الظل بعيداً عن الإعلام والتسويق المستحق لأعماله وإبداعاته.