د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** كانت المسافةُ بين رسالته ووفاته أربعة أشهر ونصفًا، منها أشهر الصيف التي اعتاد صاحبُكم قضاءَ معظمها خارج الوطن، فلا يعلم يقينًا هل أجابه عن رسالته أم بقيت ضمن أوراقه التي آثر حفظَها لقِيمة مُرسلها وإعجابه به مذ رآهُ في «مجالس الإيمان» وأنصت إليه مناديًا: «يا أخي المسلم».
** وهبه الله صوتًا إذاعيًا وحضورًا مُشرقًا، وأسفَ - حين تعاون مع الإذاعة - أن أستاذَه قد غاب عنها حين آثر العمل خارجها في «جريدة المسلمون» التي صارت مجلةً ثم توقفت، ثم في القطاع التعليمي الأهليّ حتى تقاعده.
** أُرخت الرسالةُ بيوم الأربعاء الثاني والعشرين من شهر جمادى الأولى 1434هـ (ما يقابل الثالث من شهر أبريل «نيسان» عام 2013م) ووصلت في الحادي عشر منه، وتُوفي – رحمه الله – في الثامن من شهر شوال 1434هـ (15-8-2013م)، وفيها:
* «أخي الفاضل...، أوصاني الأستاذ إبراهيم الناصر قبيل وفاته أن أجمع مقالاتي التي كتبتُها في الجزيرة في سِفرٍ مطبوعٍ لأنها تحكي جوانب مهمة عن الإعلام والإعلاميين في بلدنا، وكذلك قال الأستاذ عبدالرحمن المعمر رئيس التحرير الأسبق للجزيرة: إن طبع هذه المقالات التي يتابعها أمر ضروري، وسيحدثك ويحدث الأخ رئيس التحرير بهذا الخصوص، كما أرسل الإعلامي الأردني الكبير جودت مرقة بصورة رسالة أرسلها إلى رئيس التحرير... الخ».
** بلغت الرسالةُ خاتمتَها حين اقترح طبعَها عن طريق «مؤسسة الجزيرة» فكتب:
« لذلك أقول: إن وافقت هذه الفكرة قبولًا لديكم أرجو أن تعرضوها على سعادة أخي رئيس التحرير بحيث تتفضل الجزيرة الغراء بهذه المهمة... الخ».
** عرضها صاحبكم في يوم وصولها استجابةً لرغبته - بالرغم من يقينه بتعذر ذلك - وأجاب أستاذنا أبو بشار في اليوم نفسه بأنه «ليس في نظام المؤسسة أن تَطبع للغير بما في ذلك المسؤولون والعاملون في الصحيفة»، متمنيًا إبلاغ سلامِه واعتذارِه للدكتور زهير.
** غادر دنيانا الدكتور محمد زهير بن عبدالوهاب الأيوبي (1358- 1434هـ)، فعليه رحمة الله، وكان صاحبكم حريصًا على الالتقاء به عند عودته إلى الوطن ليبحث معه بدائلَ موازيةً لتحقيق أمنيته بطباعة مجموعة مقالاته الثرية عن تأريخ العمل الإعلامي وسِيَر العاملين فيه، وهي موثقة مدققةٌ سلسةٌ، ونتاجُ خبرةٍ وممارسةٍ ومعرفةٍ قضاها الأيوبيُّ مذ قدم إلى المملكة عام 1384هـ فزامن حضورُه افتتاحَ الإذاعة والتلفزيون، ورافق المرحلة الأصعب في تأسيسهما، وأسهم في تطويرهما مذيعًا ومسؤولًا بلغ فيها مرتبة المدير العام للإذاعة، حتى استقال والتحق بالعمل الإعلامي والتعليمي الخاص.
** واليوم يستعيد الرسالة مؤملًا - إن لم تكن مقالاته قد طُبعت - أن تتولاها إحدى دور النشر أو الأندية الأدبية، واثقًا أنها ستجدُ قبولًا وإقبالًا، والأمل في أولاده وأصدقائه أن يهيِّئُوها ويتابعوا أمرها، وهو أقلُّ البرّ من ذويه والوفاءِ من محبيه.
** الكتابةُ إرث.