صلاح بن عبدالعزيز الحسن
كان من إبداع آبائنا وأمهاتنا وذكائهم الفطري المغلف بالحنان والحب الذي لا يخلو من الدهاء والحنكة لاحتواء ذاك العبث والفرط الحركي والتمرد الطبيعي على نظام سيادة البيت وصرامة الوالد المطلقة في حفظ نسق الحياة الهادئة البسيط... بالتعاون والتنسيق مع الوالدة التي تقوم بدور القوى الناعمة في عملية التربية، بسرد تلك القصص الخيالية الغريبة للسيطرة على الجموح المتمرد في دواخلنا مع توازن الاحترام لتراتبية التسلسل من الأبناء حتى السلطة المهيمنة رأس البيت الوالد «رحمة الله عليه» وحفظ غاليكم.
حيث كنا نطيع ونستكين ونتبع كل ما يأتي من أوامر وتوجيهات.. ومن أهمها الصلاة في المسجد وعدم الكذب، الدخول للمنزل مع صلاة المغرب، عدم السهر، منع الخروج وقت الظهيرة.. ومن القوانين الصارمة والصارمة جداً عدم مزاملة من هم أكبر منا سناً «لا تمشي مع اللي أكبر منك»..، لا تبعد عن الحارة، خلك مع إخوانك، اسمع كلام اللي أكبر منك، لا تمشي حافي... فتشربت حياتنا هذه المعاني الجميلة فالسمع والطاعة لا يعني الإذعان والتبعية والإلغاء.. والتفرد لا يكون بالتمرد وطغيان الأنا.. وكذلك الفضول لا يمتد ليكون وقاحة وتعدي على خصوصية الآخرين... كنا لا ندرك كمية وعمق هذه المعاني جميعها.. فهي تشكل قيما سامية ومعاني تربوية ذات وجاهة وقيمة.. حتى كبرنا وفهمنا معانيها.. ومن الأمور التي ساعدت على نجاح هذه الأساليب البسيطة في ظاهرها العميقة بتركيبها الراسخة بأصل جذرها.. هو وحدة التوجه التربوي بين البيت والمدرسة والشارع.. في تكامل متسق باتجاه السمو والتفرد والعُلا.. رحل والدي «رحمه الله» واستلمت دفة المركب والدتي «حفظها الله» وأطال بعمرها ورزقها الصحة والعمل الصالح..
ووصلت بنا إلى شاطئ الأمان والاطمئنان.. وما زلنا نتذكر تلك الروايات والقصص الجميلة بأجوائها الدافئة.. ونتطلع لأن يستشعرها أبناؤنا في لحمة التواصل العائلي.. مدرستي.. مجتمعي وأصدقائي.. أنتم كذلك ستعبرون بهذه القيم والمبادئ لذلك الشاطئ الآمن..
اللهم احفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ووفق ولاة أمرنا لرضاك وعلمائنا وشبابنا واحفظهم وجميع بلاد المسلمين اللهم انصر جنودنا المرابطين.. إنك ولي ذلك والقادر عليه.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم...