عبدالرحمن سعد الصالح
يتمحور العطاء في حياتنا اليومية حول معان كثيرة. من أبرز تلك المعاني هي أن تعطي من حر مالك أو تقدّم مساعدتك لمن يحتاج. والجميل في ذلك هو أن العطاء بكل معانيه، يحمل الكثير والكثير من المشاعر الإيجابية والمعنى الإنساني الذي نحتاج إليه جميعنا في حياتنا وفي كل يوم. ولكن العطاء لا يحمل الشيء الملموس فقط، بل له صفات قد تغيِّر مجرى حياة إنسان بأكمله وهو تحت مسمى العطاء الحسي أو اللا ملموس.
إن من أجمل صور العطاء غير الملموس هو أن تعطي شخصاً ما الوقت والانتباه الكامل لسماع مشكلة قد يمر بها، أو مجرد للفضفضة عمَّا يجري بحياته من ظروف قد تكون أقسى من البعض من البشر. فسماعك له حتى لو لم يكن لديك حل لمشاكله، قد يكون كافياً لأن يخرج ما بقلبه من هموم ويتنفس لإشراقة يوم جديد بروح جديدة. قد لا يدرك البعض أهمية عطائك للوقت والاستماع لشخص ما يتحدث بأي موضوع يهمه، كاف لأن يغيّر آراء وتفكير وقرارات مصيرية في يوم من الأيام. ولتعزيز هذا النوع من العطاء، فإنه من الضروري أن نستمع بنية الفهم وليس بنية الرد. فهناك فرق شاسع بينهما من ناحية انتظار الوقت المناسب للرد على ما قيل، أم من ناحية التمعن والإصغاء والفهم لما قيل.
أما النوع الآخر فهو العطاء بما تملك من معرفة وخبرة في كافة مجالات الحياة. فالبعض منا قد يملك من الخبرات والعلم ما يكفي ليستفيد منها شخص آخر فيوظفها، فمن بيننا أناس قد مروا بتجارب حياتية قاسية لينقلوها لنا كي نبتعد عن ما يضرنا ولا ينفعنا. والبعض الآخر قد رزقه الله بالعلم النافع فينشره في كافة وسائل التواصل لينفع به الناس ويطبقونه. الجميل في هذا النوع من العطاء هو أنه لا يقف عند شخص أو موضوع معين، وإنما قد يستمر إلى أجيال أخرى فبالتالي يتغيّر تفكير الناس وينمو المجتمع بأكمله.
العطاء نعمة عظيمة بجميع صوره. فإنه يساعد على كسب المحبة والاحترام بين الناس ويخلق نوعاً من المحبة فيما بينهم وخصوصاً إذا كان العطاء معنوياً مثل الحب، التقدير، المساعدة والاهتمام. وخير الختام في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}، فهذه الآية تقدّم فيها العطاء على التقوى رغم أهميتها. لنتأمل في أنفسنا ولنعمل جاهدين على زرع هذه الصفة في أنفسنا وأهلينا لنرتقي ببعض وترتقي مجتمعاتنا. دمتم بصحة وعافية.