عبدالكريم الحمد
وصلت الملاعب السعودية لقمة ذروتها في سنوات طويلة مضت على مرّ تاريخها الكروي بسبب التنافس الشرس والمثير موسم بعد موسم لافتاً أنظار المتابعين والجماهير والإعلام في المحيط الإقليمي والعربي بشكل عام ولم يتوقف ذلك على مجرد تنافس محلي في ملاعب الملز وجدة والشرقية وغيرها، بل امتد وانعكس ذلك التنافس على حصد الأندية السعودية ألقاب خليجية وعربية وآسيوية، وانفجار فني للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم واستحواذه على بطولة كأس أمم آسيا عام 84 وعام 88 وعام 96 ، ثم تكرار إنجاز التأهل لنهائيات كأس العالم للمنتخبات خمس مرات (4 منها متتالية).
تلك الإنجازات على مستويات الأندية والمنتخب السعودي الأول إقليمياً وقارياً ودولياً لم تأت من فراغ، بل كانت من عدة عوامل سواءً فنية عبر مدربين أباطرة أو نجوم ساهموا في تلك الفترة، وعوامل إدارية كذلك يأتي على رأسهم الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- وشقيقه الأمير سلطان بن فهد ومن أتى بعدهم في منصب القيادة الرياضية في البلاد، ولا ننسى أدواراً مهمة قام بها صنّاع الكرة السعودية منذ نشأتها أمثال الأمير الراحل عبدالله الفيصل وشيخ الرياضيين عبدالرحمن بن سعيد -رحمهما الله- والقائمة تطول.
إلا أن عنصراً مهماً قد يكون أساسياً كانت له اليد الطولى في تلك المنافسات وشراستها التي ولدت تلك الإنجازات والسمعة المميزة القارية والدولية وهو عنصر الجماهير الرياضية السعودية التي ملأت المدرجات صخباً وأهازيج شحذت همة اللاعبين والمدربين والإداريين كوقود يدفع بالمنافسة والتحدي والتوقعات والترقب لأقاصي الشغف الكروي في الوسط الرياضي السعودي محركاً بذلك إعلامياً رياضياً ساهم في رصد ومواكبة تلك النهضة الكروية.
نعم عنصر الجماهير الرياضية السعودية الحاضرة في المدرج والمتابعة كان ولا يزال وسيبقى عنصراً أساسياً في مراحل النهوض الكروي السعودي، وترمومتر قياسي للأداء الفني للأندية بالذات، ففي مواسم ماضية شهدت الملاعب السعودية عزوفاً جماهيرياً وضعفاً في الحضور للمدرجات ساهم في انخفاض مستوى الأندية فنياً على سبيل المثال موسم 2013 الذي حقق خلاله نادي الفتح الدوري في ظل انخفاض وتدهور أندية الدوري فنياً، واليوم في ظل الاحترازات الصحية التي تعايشها الملاعب السعودية بسبب فيروس (كورونا المستجد) شاهدنا كذلك سقوطاً في النتائج والأداء في غالبية أندية دوري كأس الأمير محمد بن سلمان، في المقابل حينما تم السماح للجماهير السعودية بالحضور لمباراة المنتخب السعودي بنسبة 40 % شهدنا تفوقاً خماسياً في التصفيات الآسيوية أمام منتخب فلسطين المتألق مؤخراً، مما يفسر أن ظاهرة انخفاض مستويات «الأندية والمنتخب» وعلوها مرتبط ارتباطاً مباشراً بالمدرجات.
قبل الختام..
ما زلت أقول إن إقالات (فيتوريا ورازفان) لم تكن حلاً حقيقياً لأزمات الانهيار الفني في أندية الهلال والنصر، بل الانهيار الفني الحقيقي كان من اللاعبين الذين افتقدوا المحفز الرئيسي «الجماهير».