مع التقدم في العمر ينسى الإنسان أن له طاقة جسدية ونفسية، هذه الطاقة وإن كانت متباينة بين شخص وآخر إلا أنها تظل محدودة لمن تجاوزت أعمارهم الستين عامًا. صحيح أن الطموحات والأماني طبيعة في البشر لكن هناك قدرات هي الأخرى تحتاج إلى التفكير وعدم الاندفاع وراء المال أو ما يطرحه الأصدقاء والمعارف من أفكار ومقترحات أن اعمل كذا وافعل كذا.. ونسوا أن صاحبهم بعد التقاعد تجاوز الستين عامًا، قضاها في العمل؛ ويحتاج بعدها للراحة والجلوس مع الأولاد والأصدقاء، ومزاولة الهوايات من قراءة وسفر ورياضة، لكنهم يدخلونه في دوامة من التفكير مُحَدِثًا نفسه بشراء مزرعة، أو فتح سجل تجاري، ويستمر التفكير لتبدأ الشكوى نتيجة السهر وتكالب الأفكار.
صحيح أن التقاعد لا يعتبر المحطة الأخيرة في حياة الإنسان، ولكن بعض الأعمال تتطلب جهدًا ربما لا يناسب المتقاعد؛ لما له من انعكاسات سلبية على صحة الإنسان؛ فهناك الكثيرون ممن انساقوا وراء الأماني أُصيبوا بأمراض مزمنة، كالضغط والسكري والهموم والمزاج المتعكر نتيجة التعب والركض لتحقيق مكاسب أكثر.
فالمال نعم زينة الحياة الدنيا؛ قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وفي الحديث (لو كان لابن آدم وادٍ من مال لابتغى ثانيًا)، وحديث (يكبر ابن آدم ويكبر معه خصلتان: حب المال، وطول الأمل)، لكن يظل الاعتدال في طلب الدنيا هو السبيل الأفضل أمام المتقاعدين، خاصة من تجاوزوا الستين عامًا، فلا يُحمِّلوا أنفسهم فوق طاقتها، ولا ينساقوا وراء أفكار وطروحات من حولهم من معارف وأصدقاء.