جدة - عائشة شيخ العامودي:
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة اصطحاب الكلاب المنزلية للأماكن العامة والحدائق؛ الأمر الذي قد يتسبب في إزعاج مرتاديها من الأسر والأطفال الذين يرتادون هذه الأماكن للتنزه وقضاء وقت من المتعة والمرح، كما قد تثير فضلاتها مشاكل صحية وروائح كريهة؛ الأمر الذي يؤدي إلى تذمُّر سكان الأحياء ومرتادي الأماكن العامة والممشى.
وقد يربط البعض وجود هذه الحيوانات بالأحداث الأخيرة في وفاة طفلة وتعرض أخرى لهجوم من كلاب ضالة، حيث لا يفرقون بين الكلاب التي تُربى في المنازل وبين الكلاب الضالة، وهل تشكل خطورة على المتنزهين.
يتحدث الإعلامي عبد الله الينبعاوي قائلاً: انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة ارتياد الشباب والبنات للأماكن العامة مصطحبين معهم حيواناتهم (الكلاب) للتنزه، في أوقات تكون هذه الأماكن مليئة بالمتنزهين من كبار وأطفال؛ الأمر الذي يثير الرعب في نفوس الأطفال بالإضافة إلى أن هناك أناساً لديهم رهاب وخوف من هذه الحيوانات.
ويتمنى الينبعاوي وضع تعليمات في الأماكن العامة مثل الحدائق والممشى والكورنيش يمنع فيها اصطحاب الكلاب كونها أماكن عامة وهذه المشاهد تكررت بشكل لافت، الأمر الذي يتنافى مع الذوق العام، فاللائحة ذكرت (في المحافظة على الذوق العام، في المادة السادسة، ولا يسمح في الأماكن العامة بأي قول أو فعل فيه إيذاء لمرتاديها أو الضرر بهم أو يؤدي إلى إخافتهم أو تعرضهم للخطر).
عدم وجود عقاب أسهم في انتشار هذه الظاهرة
فاطمة الجوفان صحفية ترى أن الأمانات مقصرة عندنا، فممشى مدينة الملك عبد الله ممشى قديم وراقٍ ومعروف، ونرى أطفالاً أعمارهم اثنتي عشرة سنة يصطحبون كلاباً كبيرة الحجم قد لا يستطيعون السيطرة عليها، ويصطحبها من باب الاستعراض والمباهاة، وفي الممشى يوجد كبار في السن والأطفال مما قد يشكل خطراً عليهم.
وتضيف الجوفان يفترض أن يكون هناك نظام يمنع خروج الكلاب للممشى وتركها بين الناس لحمايتهم من الخطر، فقد تعرضت في صغرها لاعتداء كلب عليها في حديقة عامة وعمرها سبع سنوات، الأمر الذي يثير خوفها من وجودهم في الأماكن العامة.
وتختتم حديثها بأن الذين يتركون أبناءهم يتنزهون بالكلاب في الأماكن العامة مقصرين، مطالبة بوجود عقاب صارم وغرامة لمثل هؤلاء الأشخاص للحد من هذا الأمر، هذه ظاهرة دخيلة علينا كسعوديين وليست مألوفة فالكلاب للحراسة الأمر هذا يشكل خطراً وخوفاً للناس الذين لا يربون الكلاب، خاصة في الفترة الأخيرة بعد تعرض الأطفال لاعتداء الكلاب.
الأفضل الخروج بالكلاب في أوقات الصباح الباكر
هند باسنبل طالبة جامعية ترتاح للكلاب ولا تستطيع تربيتها، وبسبب نهي الإسلام عن تربيتها في المنازل، ورفض الأسرة تربيتها ترى أن تربية الكلاب أمر جميل، كون الكلب حيواناً وفياً لصاحبه، ولكن تربيتهم تحتاج إلى التعرف على احتياجاتهم وخصائصهم، ومن الممكن اخذ الكلب للاماكن العامة في الفترات التي لا يوجد فيها متنزهون كالصباح الباكر جداً، مع مراعاة الاهتمام بعدم ترك مخلفات الكلاب في هذه الأماكن، لان الكلاب ليست كالقطط تقوم بتنظيف مخلفاتها حتى لا يتسبب الأمر في انتشار الأمراض والروائح الكريهة.
المجتمع لا يتقبل وجودها في الأماكن العامة
فيما تحدثت مياسر عصام بندقجي مؤسسة ورئيس مجلس إدارة جمعية تعايش معي للرفق بالحيوان حول هذا الموضوع قائلة: الكلب يحتاج إلى الطعام المخصص له والماء النظيف على مدار الساعة ورفقة واهتمام من صاحبه يومياً، يجب أن يمشي ويلعب لكي يفرغ طاقته ولا يشعر بالاكتئاب أو الملل لأن الكلاب تحب الرفقة فهي كائنات اجتماعية عكس القطط.
وبينت بندقجي أنه لا يوجد فرق بين الكلاب التي تربى للحراسة والكلاب التي تكون كصديق للعائلة، الكلاب تحرس في جميع الأحول سواء تم تربيتها في المزارع لحراستها، فهي ستكون صديقة للحارس الذي يطعمها ويهتم بها، أو إذا تمت تربيتها في العائلة ستكون صديقة لهم وتحرسهم في نفس الوقت.
وحول خروج الكلاب للتنزه في الأماكن العامة قالت مياسر أنا ضد أخذ الكلاب إلى الأماكن العامة، مجتمعنا لا يتقبل هذه الفكرة ويتعرض الكلب وصاحبه لمواقف سيئة بسبب خوف بعض الناس وعدم تقبلهم للفكرة، يجب أن تكون هنالك أماكن مخصصة للكلاب، فنحن نحتاج إلى أن نلعب مع كلابنا، ونتمشى معهم حتى نقوي علاقتنا بهم أكثر، بعيداً عن الأماكن العامة.
وتستطرد في حديثها قائلة: بصراحة نحن يجب أن نتعامل مع المسؤول عن الحيوان نفسه وليس الحيوان، لأنه هو من أحضره للأماكن العامة. يجب أن يتم تنبيهه وتوقيعه على تعهد بعدم أصحاب الحيوان للأماكن العامة.
وذكرت مياسر بندقجي أن سبب إنشائها جمعية (تعايش معي) هو لأني أحب الحيوانات، وأريد مساعدتها بنشر الوعي بالطرق الصحيحة السليمة للتعامل مع الحيوان، فهو جزء لا يتجزأ من مجتمعنا وبيئتنا، يجب علينا التعايش مع الحيوانات وتحسين بيئتهم، فواجب علينا أن نحسن إليهم فقد قال تعالى عنهم أنهم أمم أمثالنا في قوله: (وَمَا مِن دَابةٍ فِي الْأرض وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُم إِلَى رَبهِمْ يُحْشَرُونَ} (38) سورة الأنعام. فالله لم يخلقهم عبثاً.
الكلاب حيوانات لا تهاجم الأطفال إلا إذا كانت جائعة أو مدربة على حماية المكان
يتحدث فرحان سهيل ناشط في حقوق الحيوان ومهتم بالكلاب منذ الصغر ويربيها منذ أن كان عمره خمسة عشر عاماً بالبداية قال: عندما تشتري الكلب أو تتبناه و(الأفضل تبني) يكون صغيرا وعمره يتراوح بين (3 - 4) شهور، تفهم كلبك تتعرف على ما يحبه وما يحتاجه حتى تستطيع أن تسيطر عليه من ناحية الشراسة، لكن الكلاب بشكل عام حتى الضخمة لا تشكل خطراً على البشر ولا المجتمع إلا في حال تم تدريبها على ذلك.
وإذا كنت مسيطراً على كلبك وعلى علم بما يحتاج وفيما يفكر فذلك لا يشكل أي خطر بل قد يسهم ذلك في توعية المجتمع بأنها حيوانات جيدة ولطيفة غير مؤذية، وحبذا لو يؤخذ الكلب لمكان خاص للكلاب لأننا بحاجة لمكان نتعرف فيه على كلابنا ونلعبهم بدلاً من الذهاب بهم لأماكن عامة مليئة بالسكان.
ويستطرد في حديثه قائلاً: الكلاب لا تهجم على أحد إلا بسبب ما، إما أن الطفل يركض، ومن الجوع ظناً أنها فريسة تؤكل، أو مُدربة للحراسة فظن أنها تشكل خطراً، ويتمنى الناشط في تربية الحيوانات الاستاذ فرحان سهيل أن يتم خلق جو جميل بين الطفل والكلاب لأنها وفية جداً.
وناشد فرحان في ختام حديثه الجهات المسؤولة عن تنسيق الأحياء والحدائق النظر في وضع الأفراد المربين للكلاب بتوفير بيئة للحيوانات وبخاصة الكلاب للتنزه وممارسة ألعابها، فالكلاب أرواح وعلينا مخافة الله فيها وتوفير احتياجاتها.
الكلاب تحتاج إلى النزهة للمحافظة على لياقتها وتحفيزها ذهنياً
وأوضح الدكتور توفيق طبيب بيطري حاجة الكلاب إلى الرياضة واللعب قائلاً: تحتاج الكلاب إلى ممارسة الرّياضة واللّعب للمحافظة على لياقتها وتحفيزها ذهنياً، يمكن أخذ الكلب في نزهة على الأقدام للرياضة وتعتمد المدة اللازمة على عمر الكلب والسّلالة التي ينتمي إليها وحالته الصّحية، فالجراء والكلاب صغيرة الحجم تحتاج للتنزه مرتين يومياًَ لمدة ربع ساعة تقريباًَ، في حين أنّ السّلالات الأكبر حجماً أو الكلاب الرّياضيّة قد تحتاج إلى ساعة واحدة يومياً، بعض الكلاب مثل كلب البولدوج تُفضّل المشي لمسافات قصيرة لا تستغرق أكثر من 10 دقائق بعدد ثلاث إلى أربع مرات في اليوم، كما يمكن ممارسة الألعاب التّفاعليّة التي تُحبّها معظم الكلاب مثل لعبة رمي الكرة للكلب ليلتقطها، أو لعبة مطاردة الفقاعات.
تعرض الطفل لنباح الكلاب قد يسبب مخاوف تصل للخوف المرضي
وبالرجوع للدكتورة فاطمة باكودح مستشارة تربوية حول اصطحاب الكلاب المنزلية للأماكن العامة والحدائق وأثرها النفسي على الأطفال قالت: إن اصطحاب الشباب للكلاب أصبح مشهدا يتكرر في الشوارع والأماكن العامة، على الرغم من حالات الخوف والقلق التي يثيرها لدى البعض وبخاصة الأطفال والنساء، حيث يعدها بعضهم نوعاً من المكانة والظهور الاجتماعي بالقوة والتميز في الشارع، مبينة أن ردة الفعل على الأطفال أكثر لأنهم بطبيعتهم يخافون من الحيوانات حتى الأليف منها. ولو تعرضوا لهم بالنباح قد تترتب في دواخلهم مخاوف إذا لم تعالج فقد تصل إلى الخوف المرضي، فالكلاب للحراسة في البيوت والشركات والمزارع وغيرها. وفي حال رغبة البعض الخروج بها أرى أن يتم وضع أماكن محددة لمن يصطحب الحيوانات ولا تكون مع عامة الناس، أو يتم تحديد أوقات معينة لهم.