أحمد المغلوث
على مستوى العالم، لا يوجد فن تشكيلي إبداعي بعيد عن الوطن والمجتمع الذي يوجد فيه ويعيش فيه مبدعوه على اختلاف مناطقهم أو مدنهم أو حتى قراهم، ذلك أن مهمة الفنان المبدع قبل كل شيء هي التعبير عن الوطن ومن يعيش فيه. ويقدم رسالة متكاملة شاملة المضمون والشكل، حيث يتسمان بملامحه وصفاته وتاريخه وتراثه وبيئته، والفن هو قبل كل شيء هو فعل وإثراء بالمحتوى، وبالتالي يصبح الفنان المبدع جزءًا من الوطن يحمل صفاته وسماته وحتى ملامحه.. ومن هنا راح يتساءل البعض لماذا نرسم أو ننتج عملاً تشكيلياً مؤثراً في المشاهد ودافعاً لاقتنائه.
إن وراء ما يبدعه الفنان التشكيلي تكمن الأهداف العميقة والرفيعة ويكمن إبداعه المتميز من طرح أعمال رائعة وفكر خلاق جديرة بأن تتسابق المواقع العالمية لنشر صور من هذا الإبداع.
وهنا يكمن تميز الفنون التي تتوارثها الأجيال كما في العديد من الدول التي حافظت على سماتها وفنونها المختلفة، خصوصاً في مختلف المجالات، والتي انحازت بحب للوطن وتاريخه وموروثه وبيئته مع الانفتاح على العالم وتوظيف كل ما من شأنه أن يساهم في رفد إبداع الوطن مع التعبير عن هموم العالم جنباً إلى جنب مع هموم الوطن وإنسانه المحب والوفي لأرضه.
وهكذا نجد في الأعمال الفنية الخالدة التي تتوارثها الأجيال هذا الحضور الطاغي للفنان الذي يتميز بإبداعه ويجسد ملاح الفن الذي يبدعه.
ومنذ القدم عرف الفنان المبدع ذلك الذي استطاع أن يعبر عن ذلك بمصداقية وإخلاص. كما فعل الفنانون المخلصون في مختلف دول العالم.
إن امتلاك الفنان للوعي الصحيح خلال عمله الإبداعي يساهم في تأصيل العمل الفني بصورة ترتقي به إلى مستويات عالية من الإبداع. ووطننا الحبيب -ولله الحمد- امتلك من بين العديد من الأوطان تلك المقدرة العجيبة والمدهشة والتي جعلت «فننا التشكيلي» يحتفظ بروح مشرقة بالعطاء والأصالة من خلال استمرار المبدعين والمبدعات ومن مختلف الأجيال لتقديم إبداع سعودي له هويته الوطنية. والتي استطاع مجموعة منهم استلهام جوانب مختلفة من التاريخ والبيئة والتراث تشكلت في أعمال فنية مختلفة.
أكدت تطوراً في الوعي الفني ومواكبة للرؤية الوطنية وما فيها من جوانب إنسانية وتطرح في ذات الوقت التصورات الجديدة للإنسان والحياة والوطن.