سليمان الجاسر الحربش
أتحفتني الباحثة النجيبة إيمان أمان المحللة في وزارة الطاقة بتسجيل لكلمة رئيسها سمو وزير الطاقه الأمير عبدالعزيز بن سلمان وهو يفتتح الاجتماع الخامس عشر لمنظمة أوبك وحلفائها أو كما يعرف بأوبك بلس.
وكم سرني أن الأمير وهو يفتتح الكلام لم يفته أن يسجل اعتزاز المملكة بما لقيته المبادرتان السعوديتان لحماية الأرض والطبيعة (السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر) من ترحيب عالمي قطع الطريق على كل من يشكك بأن هذين المطلبين النبيلين يشكلان ركيزتين من ركائز سياسة الطاقة والبيئة في المملكة العربية السعودية بتوجيه مباشر من رائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده القوي الأمين الأمير محمد بن سلمان.
وجميل أن يربط وزير الطاقة السعودي بين جهود بلاده وبقية الدول الأعضاء في حماية السوق البترولية وبين القضية الدولية المعروفة بالتنمية المستدامة ونظافة البيئة واجتثاث فقر الطاقة.
والحقيقة أن الأمير يستحق ثناءً خاصًا من جميع الدول النامية على إبرازه لهذه القضية من جديد بنفس الأسلوب الذي بدأت به منذ عدة سنوات.
يحمد للأمير أولا أنه أشرف علي إعداد وتنقيح البيان الختامي لقمة أوبك الثانية التي عقدت في كراكاس عام 2000 وفيه نص أذكر وأنا حاضر أن الأمير أصر عليه وهو أن أكبر كارثة تهدد البيئة في هذا الكون هي الفقر بكافة أشكاله، وهو هنا في حديثه هذا اليوم (1 أبريل) يؤكد أو يجسد ما قاله منذ أكثر من عشرين سنة إذ كيف تستدبم التنمية وتزدهر البيئة إذا كان ما يقرب من مليار نسمة محرومين من الكهرباء، وكيف يتحدث أحد عن التنمية المستدامة والبيئة النظيفة إذا كان أكثر 2.5 مليار نسمة في العالم ما زالوا يحرقون الحطب والجلة في إعداد ما يحتاجونه من غذاء، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة ما يقرب من خمسة ملايين نسمة في العالم معظمهم من النساء والأطفال جراء استنشاق الهواء الفاسد طبقا لبيانات منظمة الصحة العالمية وللدقة فهو رقم يختلف من عام لآخر.
ويبدو واضحًا أن المضمون الأخلاقي لمبادرة الطاقة للفقراء أو اجتثاث فقر الطاقه كان بارزا في ضمير القيادة السعودية إذ عندما سنحت الفرصة في نوفمبر عام 2007 واستضافت المملكة قمة ملوك ورؤساء أوبك الثالثة في مدينة الرياض أسند للأمير عبدالعزيز بصفته أحد كبار المسؤولبن في وزارة البترول والثروة المعدنية مهمة الإشراف على إعداد البيان الختامي وهذه المرة كان بيان الرياض مختلفا عن سابقيه من قمم أوبك الأولى والثانية إذ خصص البيان فصلين كاملين مستقلين للطاقة والتنمية، والطاقة والبيئة. وجاء البند السادس في فصل الطاقة والتنمية صريحا في تكليف صناديق التنمية في الدول الأعضاء وصندوق أوبك المشار إليه في بيان القمة باسمه المختصر أوفيد في البحث عن الطرق الكفيلة باجتثاث فقر الطاقة وهو نفس التعبير الذي استخدمه الأمير عبدالعزيز في افتتاح مؤتمر أوبك بلس كما سبقت الإشارة.
يحمد للأمير (وأنا شاهد على ذلك من موقعي في ذلك الوقت) أنه تنفيذًا لتوجيهات حكومته الرشيدة أسهم في وضع هذا المطلب النبيل في بيان القمة قبل أن تبدأ الأمم المتحدة في الحديث عنه بأربع سنوات، بل إن المملكة بمناداتها باجتثاث فقر الطاقة أصلحت خللا واضحا في أهداف الألفية الصادرة من الأمم المتحدة عام 2000 والتي عالجت كل أوجه الفقر ما عدا فقر الطاقة ولذلك فإني لا أبالغ عندما أجادل أحيانا أن الفضل يعود للمملكة في وجود الهدف السابع الخاص بتوفير الطاقة للجميع من بين أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015.
إن السعي لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة أو الحديث عن تنمية أو بيئة مستدامة بدون القضاء على فقر الطاقة لهو حديث ناقص.
لقد أبلت المملكة بلاء حسنا في قمة العشرين نحو وضع هذا الهدف موضع الصدارة فيما صدر عن القمة من بيانات أهمها بيان وزراء الطاقة (البنود 11 و12 و13 والملحق الثاني) وهنا يعود الفضل للأمير مرة أخرى فقد صيغت هذه الأهداف والمطالب النبيلة وهو على سدة الوزارة. ولا يساورني أدنى شك أن حكومتنا الرشيدة انطلاقا من شعورها بمسؤوليتها الدولية ستواصل الجهاد نحو تحقيق هذا الهدف النبيل وهو توفير الطاقة الحديثة لمن هم في أمس الحاجة لها بالتعاون مع بقية الدول التي تشاركها في المبادئ في كل المحافل والمناسبات.
وفق الله بلادنا وحماها من كل سوء تحت قيادة رائد نهضتها مليكنا المفدى نصير الفقراء والمستضعفين، إنه سميع مجيب.