عبد الرحمن بن محمد السدحان
* تبقى قضية المقيم الوافد في بلادنا إقامةً غير مشروعة صداعًا للوطن والمواطن ناهيك بالجهات الرسمية المعنية بذلك! والتعامل معه لا يمكن أن ينتهي في شهر ولا أشهر بل ربما سنوات، ولذا، فهو يتطلّب علاجًا مركبًا تتظافر فيه كل الجهود، وتتقاسم الدورَ أكثر من جهة، عامة وخاصة، والتصدّي له من الأمور التي تمارس البلاد من خلالها سيادتها وكرامتَها ومصالحَ أبنائها.
* * *
* ومهما سَنّت الدولة رعاها الله من قواعد وضوابط لتقنين وتنظيم ظاهرة الوافد غير السعودي، فستبقى في بعض الحالات هاجسًا مقْلقًا للجميع، مسؤولين ومواطنين.
* * *
* لماذا؟
أولاً: إنَّ المملكة هي قبلةُ العالم الإسلامي كل عام. حجًا وعمرةً وزيارةً، ناهيك عن مَنْ يُستقدمُون للعمل في البلاد. وساعد على ذلك يُسْر وسائل النقل الحديثة، وازدياد حجم الاستيعاب في المشاعر المقدسة بفعل مشروعات التوسعة والتطوير الضخمة التي نفذتها الحكومة السعودية رعاها الله، كل ذلك حوّل معظمَ أشهر السنة إلى مواسم دينيّة، بدءًا من شهر صفر مرورًا بشهر رمضَان المبارك ثم يحل موسم الحج، بدءًا من منتصف شهر شوال تقريبًا لمن أراد أن يقرن الحج بالعمرة تمتعًا، لتستمر بعد ذلك حتى نهاية شهر محرم من العام الجديد.
* * *
ثانيًا: اسْتدلالاً مما سبق، فستبقى المواسم الروحية سببًا قويًا لقدوم مئات الآلاف من المسلمين سنويًا إلى بلادنا. ولو كان الغرض من قدومهم قاصرًا على أداء المناسك الدينية فحسب، ثم يعودون من حيث أتوا لهان الأمر، لكنّ أعدادًا منهم يقررون البقاء في البلاد لسبب أو آخر، وخاصة الفئات القادمة من بلدان فقيرة، إذ يأتي أحدُهم إلى المملكة تُسيّره الرغبة في إدراك الحُسْنيين: أداء الشعيرة الدينية، وطلب الرزق الحلال اقتداءً بما تواتر في مجتمعه أن لدى المملكة يُسْرًا في الدخل وفرصًا وظيفية أو مهنية أكثر وفرةً مما في سواها في البلدان الأخرى! وبالتالي: فإن أيّ حل للتعامل مع هذه الظاهرة لابد في تقديري المتواضع أن يقترن بالتالي:
أ) دقة القواعد وملاءمتها للتطبيق والحزم دون استثناء ما أمكن.
ب) محاسبة المقصّر في التطبيق، جهةً أو أفرادًا حسابًا رادعًا.
ج) إخضاع القواعد للمراجعة والتقويم دوريًا للتأكد من ملاءمتها للتطبيق.
* * *
* تبقى بعد ذلك كفّة المواطن في هذه المعادلة الشاقة، والجهد هنا متمّم لجهود الدولة في هذا السبيل، وبدون ذلك، سيكون الجهد مبتورًا، والمواطن الذي يتستّر على (متخلّف) إيواءً أو تشغيلاً أو ابتزازًا، يرتكب أكثر من مخالفة خلقية ووطنية وإنسانية! وهو في هذا السياق (متخلّف)! لماذا؟
* لأنه يعسِّرُ ولا يُيَسّر جهودَ الدولة في ملاحقة المتخلف.
* ولأنه (يُؤذي) المتخلف نفسَه، بإغرائه للبقاء ابتغاء منافع تعيّنه عاجلة أو آجلة.
* ولأنه يؤذي نفسَه أيضًا.. مساءلةً وعقابًا.
* كما أنه يؤذي الوطن.. بمحاولته إلحاق (الهزيمة) بإجراءٍ سُنّ في الأصل ابتغاء مصلحة الوطن وكرامة ورزق المواطن!
* * *
والحلّ.. إذًا؟
* ينبغي أن يكون المواطن جزءًا من معادلة (مكافحة التخلّف) ومتممًا لجهود الدولة في هذا السبيل، وأن يكون التعامل مع المعادلة المشار إليها ذا شقّيْن:
أ) شقٌّ توعوي تتقاسمه منابر المساجد والإعلام حفزًا لوعي المواطن وتشجيعًا.
ب) شق ردْعي، لمن لا يستحي من الله ولا من ولاة الأمر المعنيين ولا من نفسه!
* ووفق الله كل العاملين المخلصين في هذا السبيل.