وهناك من يقول «حقاً من مَلك الإعلام مَلك كل شيء»، فالإعلام هو ذاك الجندي الخفي والحارس الأمين على أحلام الصغار وأذواق الكبار، على الانفعالات العاطفية والتوجهات المختلفة نحو كل ما يحدث في الخارج. ويُعدُّ الإعلام الموجِّه للطفل من أهم أنواع الإعلام لما له من تبعات ونتائج. كما أنه أهم أنواع الإعلام نظراً للفئة العمرية (الأطفال)، ويُعتقد - بشكل خاطئ - أنه يمكن بكل سهولة إعادة تشكيل عالم الطفل تبعاً للأهداف المرسومة من قبل المؤسسات الإعلامية أو من قبل الجهات التي تقف وراءها.
وقد ورد في الأدبيات التربوية تعاريف متعددة للإعلام تتفق في مجملها على أهمية تأثير الإعلام في عقول الناس عامة وقدرته على تشكيل الميول والاتجاهات وأهمية اعتماد الصدق والموضوعية في الرسالة الإعلامية.
وهنا لابد من التمييز بين الإعلام الذي هدفه الإخبار والأخبار، وبين الدعاية التي تستخدم وسائل الإعلام وهدفها الترويج. فالإعلام الذي هدفه الدعاية يستخدم (فلاشات سريعة) مدروسة بعناية وإتقان لتترك الأثر الايجابي نحو المادة المعروضة، وهدفها تابع للربح بأي وسيلة. لذلك تغلب اللاأخلاقية عليها أحياناً، ونزوعها دومًا نحو التأثير في الجانب الانفعالي والعاطفة بهدف تحقيق الربح. ويقف وراءه في الأغلب شركات اقتصادية. لذلك لابد من الحذر في أن نصف الإعلانات بأنها تتمتع بالصدق والموضوعية.
إذاً تشكيل المعرفة والاتجاه والميل نحو أي قضية عامة أو خاصة هو تابع منتظم للإعلام المتشكل والمقدم للأفراد عن تلك القضية.
أما في الإعلام الذي هدفه الأخبار فإننا أمام إعلام تابع لشركات (حرة وخاصة) يبث من خلال قنوات فضائية خاصة. وهناك الإعلام التابع للدول والمؤسسات المجتمعية والتربوية والاقتصادية يتبع سياسة البلد القائمة.
وهنا ملاحظة جديرة بالوقوف أمامها: من خلال قراءة متواضعة وبسيطة لأهداف وسائل الإعلام وتقنياتها والأخبار التي تبثها، لا يمكن الوثوق باستقلالية الإعلام مطلقاً عن سياسات الدول التي تتبع لها، وهذا يظهر بوضوح للمراقب بدقة دفة التغيير والبث المضمر وراء الكثير من التقارير والأخبار.
ومن تلك الأخبار والبرامج ما يبث مباشرة للأطفال.
نحن الكبار نتقصى الأخبار من خلال وسائل الإعلام المختلفة ونتلقاها، ونُحيلها لميولنا واتجاهاتنا التي تشكلتْ مسبقاً ونسمح ضمن منظومتنا المعرفية في تعديل الاتجاه نحو قضية ما تبعاً لمستوى المعرفة لدينا. لكن أيضًا نحن من يقدم للأطفال ما يسهم في تشكيل ميولهم واتجاهاتهم ونمو حالتهم المعرفية من خلال عدد كبير من وسائل الإعلام والمعرفة.
للأسف تتفق أغلب الدراسات التربوية في أن العشوائية هي السمة المميزة للبرامج المُقدّمة للأطفال خاصة فيما يتعلق بالفضائيات. مما يعني أن الطفل وهو المتلقي يقف بدور سلبي أمام ما يتعاطى معه ويتعرض له من برامج وأفلام كرتون. وعلى مستوى البرامج الترفيهية، أو المسابقات، أو البرامج التي تُعدُّ تفاعلية. وحتى على صعيد الدراسات المتعلقة بهم.
وللحديث بقية...
** **
- د. زرياف المقداد