ميسون أبو بكر
«تبغى تنشهر ارقص»، هذه تجربة مسك العنزي، الطفلة المشهورة التي تخطف القلوب ببساطتها وعفويتها ولهجتها النجدية وبراءتها، طفلة استيقظت صباحاً لتجد نفسها مع الشهرة في درب واحد، قد يكون أكبر من سنواتها التي تعد على أصابع اليد الواحدة، وأطول بكثير من قامتها الصغيرة، أغرتها الشهرة -آفة العصر- ومتابعة الآلاف، وإنني إذ أبتسم من القلب وأنا أنظر إليها، لكنني أشعر بقلق شديد عليها وعلى أن تغتال طفولتها في وقت هي بأمسّ الحاجة أن تعيش تفاصيلها بسلام.
في لقاء ياسر القحطاني بها في برنامج «نجوم صغار»، استوقفني ردها حين سألها «كيف أصبح مشهوراً؟»، فكان ردها: «تبغى تنشهر ارقص»!!
مسك صادقة فيما قالته رغم صغر سنها، لكن من واقع تجربتها فهي تجد أن الرقص طريق قريب للشهرة، فوسائل التواصل الاجتماعي فتحت أبوابها على مصراعيها أمام العقلاء والمجانين، الفارغين كما أصحاب المحتوى، واختلط الحابل بالنابل، وفي النهاية رزق الهبل على المجانين وهم المتلقي الذي يتابع هؤلاء.
لكن ما أود أن أشير إليه أنه ليست كل شهرة شهرة، وليس كل مشهور يشار له بالبنان لأنه صاحب محتوى جيد، فالجمهور الأيام هذه ضلّت بوصلته، وخرج عن المسار الصحيح لأن مجموعة من الهبل اليوم يتحكمون بطريقة تفكيره وقواه الشرائية وذوقه ومزاجه العام أيضاً، فحتى فنجان قهوته تتلاعب به شركات دعائية ليس همّها المنتج الأفضل؛ فهي لا تتأخر أن تخرج بطريقة وبإعلان حتى لو انتهى بها الأمر للاستخفاف به؛ لدرجة تقديم مزاجه برضاعة!!
وإن تبغى تنشهر أو تنتشر اختلق مشكلة عائلية، أو أعلن طلاقك، أو البسي فستان فرح أبيض دون زواج، أو اكسري -قُلّة- على باب طليقك، أو ارتكب جنوناً كما يفعل مشاهير الفَلَس الذين منحهم المتابعون تأشيرة العبث بحياتهم وسلوكهم الشرائي.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا، وإني لأخجل أشد الخجل وأنا أجد دائرة فضائنا الضيقة لا تتعدى سقف الخلافات والعلاقات التي أفسدتها الشهرة وإثارة النعرات والرقص -على قولة مسك-، بينما الغرب ينشغل في كتاب جيب، وفي عمله الدؤوب، وعلاقاته الواقعية، دون فلاتر أو حياة افتراضية لا تتعدى شاشة الجوال. جنّ جنون المشاهير، فلا عيب، ولا قيم، ولا إشارات تستطيع اليوم إيقافهم في ضغطة سناب شات.
قبل أيام التقيت بطفل من العائلة وسألته «إيش تبغى تصير لما تكبر؟»، فأجابني بكل ثقة «مشهور»!! وكأنه تخصص في سوق العمل!! لا بد أن نرفض العبث الحاصل ونحاربه بالبرامج الهادفة واحترام أصحاب المحتوى، وتجاهل الجاهلين.