د.عيد بن حجيج الفايدي
بعد أسبوع من الإغلاق التام لقناة السويس بدأت الأخبار الإيجابية بنجاح تحريك السفينة العملاقة التي أغلقت قناة السويس تمامًا. ونجاح عملية التحريك كانت نتيجة لتعاون دولي واسع، وتأكيد على أهمية هذا الممر المائي، ورغبة المجتمع الدولي في تجنب الآثار السلبية على الاقتصاد العالمي، وتأكيد الأهمية الاستراتيجية لمصر ولمنطقة البحر الأحمر. وهذه الأهمية ليست على المستوى الإقليمي بل على المستوى العالمي؛ لذا ظهر الاهتمام البالغ من الصحافة العالمية بالحدث منذ الساعات الأولى حتى قبل إصدار هيئة قناة السويس البيان الخاص بالحادث. وهذا الشريان الاقتصادي الحيوي الذي تجاوز عمره 150 عامًا يختصر المسافة بين الشرق والغرب، ويستخدمه سنويًّا ما يقرب من 20 ألف سفينة بمختلف الأنواع والأحجام، تدفع رسومًا سنوية تصل إلى 20 مليار دولار. ومن المؤكد أن فتح هذا الشريان هو اختصار في زمن الرحلة بين الشرق والغرب، وتقليل في مصاريف التشغيل. وينعكس هذا - بحول الله - على إيقاف ارتفاع مؤشرات أسعار المنتجات المختلفة التي سجلت ارتفاعًا ملحوظًا بعد إغلاق القناة أو إغلاق البوابة الاقتصادية العالمية.
والبُعد التاريخي لقناة السويس الممتد إلى أكثر من 150 عامًا فرض على المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة، وتطلب زيادة في التعاون والتكاتف والتلاحم للحد من الخسائر المتراكمة يوميًّا على السفن المحتجزة خلف القناة التي وصل امتدادها إلى الهند. والحمد لله أن حمولة هذه السفينة العملاقة لم تكن من مواد النفط أو من المواد القابلة للاشتعال التي تُحدث ضررًا كبيرًا في البيئة والتجمعات البشرية.
ومنذ افتتاح القناة لم يكن هذا الإغلاق هو المرة الأولى، بل تكرر الإغلاق مرات عديدة، وكل مرة لها ملابسات خاصة بها، لكن هذه المرة الأولى التي أدرك خبراء الاقتصاد الأثر السلبي لعملية الإغلاق.
والمتابع لوسائل التواصل الاجتماعي يلحظ التفاعل الكبير للحادث من نشر تعليقات مع صور الناقلة وبعض المعدات التي يظهر صغر حجمها بجوار ضخامة حجم تلك الناقلة. وقد ساهم هذا التفاعل بظهور أسئلة لم تكن متوقعة، مثل قولهم: لماذا حدث هذا الانحراف أصلاً مع وجود أجهزة استشعار إلكترونية عن بُعد، تصل إلى مسافات طويلة؟ وهل عمق القناة الفعلي مناسب لمرور ناقلة بهذا الحجم؟ وهل صحيح ما ورد عن وكالة بلومبيرج أن العالم يخسر 400 مليون دولار عن كل ساعة تتوقف بها قناة السويس عن العمل؟