رمضان جريدي العنزي
هناك من يحاول شقلبة الحقائق، وتحريف الوقائع، وقلب الأمور رأساً على عقب، بالاتجاه الذي يشوه صورة بلدنا، ويطمس معالمه، وينكر إنجازاته، ويهون من دوره. حملات إعلامية عشواء تشنها جهات وأفراد وحكومات شتى بشكل لحظوي ودائم، تنشر التقارير الملفقة، والأخبار الكاذبة، وتنسج الحكايات والقصص المفبركة، يقودون علينا حرباً إعلامية ضارية للنّيل منا. هذا الإعلام المعادي بكل أطيافه لا توجد في حقيبته أخبار سارة، ولا أنباء سعيدة، ولا حقائق واقعية. الملفت للنظر أن هذا الإعلام المعادي بكل أدواته وشخوصه وأفراده أصبحوا علينا كزرقاء اليمامة ذات البصر الأسطوري الخارق للعادة، لا يرون إلا ما يحبون أن يروا، لقد وصلت بهم الحماقة إلى اختيار الأخبار التي يريدون، بعد إخضاعها للتبديل والتغيير والحذف والإضافة، زاعمة أنها مأخوذة من أرض الواقع والحدث والمصدر. هؤلاء الغربان يتحلقون فوق سمائنا بخسة ودناءة، ثعابين سامة تنطلق علينا من جحورها، ضباع عمياء تخرج علينا من أوكارها المعتمة، أسراب خفافيش تشن علينا غاراتها الحاقدة، دبابير وزنابير غاية في الحقد والغل والدناءة، تتبارى في خستها ونذالتها لتدنس أرضنا الطاهرة، أجمل قبلة، وأحسن أرض، وأبهى مكان. راحوا يرمون علينا حممهم وأوباءهم وأسقامهم وفكرهم البليد، والمدهش أن من بيننا من يصدق بنية أو من غير نية هذا الإعلام المعادي المغرض ويعيد نشر ما يقولون ويصورون دون تمهل أو وعي أو تثبت. ترى ما الذي يجنيه هؤلاء من النقل وإعادة النشر؟ وما الذي سيحققونه؟ وهل تحول هؤلاء دون وعي إلى أبواق عون ومساندة للأعداء؟ وإلى معاول هدم وبلدوزرات خراب تسعى لتفكيكنا وتشريدنا وتمكين العدو منا؟ هذا العدو الذي يريد تقسيمنا إلى أقاليم صغيرة، ودويلات ضعيفة، وكينونات واهية. لقد انضم هؤلاء - المدرعمون - بلا وعي أن يدروا إلى مشاريع الأعداء الاستعمارية الخبيثة، والذين يهدفون إلى تقطيع أوصالنا، ونهب ثرواتنا وخيراتنا، وتشريدنا في الفيافي القاحلة. إن من يتابع هؤلاء الذين لا يملكون الوعي الكافي، ولا البصر ولا البصيرة، ولا الحكمة ولا التأني، ويرصد بثهم المأساوي، وإعادة نشرهم لغث الأعداء وكيدهم وسمومهم، يحس ويشعر بأنه يستمع لمنابر إعلامية غاية في الشر والنفاق والتحريف والتأويل. لقد سخر هؤلاء وقتهم لتشتيت فكر المواطن البسيط، وتضليله وتجييشه بإعادة نشر الأخبار الكاذبة، التي رسمها وأطرها الأعداء بأسلوب ملء بالانحاط والخبث والدهاء، على هؤلاء أن يكونوا أكثر وعياً وحذراً وذكاءً تجاه الإعلام المعادي، وأن لا يشتركوا معه في التضليل والإثارة، وأن لا يدينوا له بالانقياد الأعمى، وعلى هؤلاء أن يكتشفوا بأنفسهم سموم وأحقاد هذا الإعلام المعادي، الذي تدفعه وتقف خلفه قوى ظلامية خفية تعمل على تمزيقنا وتفتيتنا، وتأجيج الصراع بيننا، وتسعى لتشويه صورتنا وعقيدتنا، وإظهارنا أمام العالم بأننا متناحرون ومتفككون، على هؤلاء أن يتبيّنوا المعرفة واليقين، وأن يفعلوا عقولهم، ويعملوا بالمنطق، وأن يعوا بأن الأخطار تحيطنا من كل جهة، وأن الأعداء الذين يبتغون البلاء لنا كثر، لا يريدون لنا بقاء ولا أثر، أن على هؤلاء أن يقولوا للأعداء بصوت واحد، بأن بنياننا مرصوص، ووطننا عملاق، ومدننا مضاءة، وأجسادنا متراصة، وأيدينا متشابكة، وإننا متحدون بقوة ومتانة، وجذورنا في الاتحاد والمتانة عميقة، وحبنا لوطننا العظيم لا تزعزعة ولا تغيرة حنجرة خبيثة، ولا صوت مارق، ولا تنظير منافق. هكذا تكون الشهامة والنبل والرجولة، وهكذا تكون الوطنية، والحس الوطني، والغيرة الوطنية، وهكذا هم الرجال الذين يعملون من أجل النهوض والشموخ والعلياء والبناء والانتصار، والذين يعلمون بأن البقاء والخلود دائماً يكون في الاتحاد وتراص الصفوف قولاً وفعلاً، في السراء وفي الضراء. ختاماً لا بد من القول إن فلسفة الأعداء هي ربط الأشياء بالأشياء، والنصوص بالنصوص، والمراوغة بالمراوغة، والخداع بالخداع، والتضليل بالتضليل، والاتجار بالكذب، وتلفيق الاتهامات، وقلب المعايير، كون ضمائرهم معطوبة، وكونهم تخرجوا من مدارس البهت والخداع، فبرعوا في ترويج الغش والزيف والتزوير، وأبدعوا في تغييب الحقيقة والواقع، وأسرفوا في نشر الإشاعة، وثقافة العتمة والسواد، وعلينا جميعاً كبيرنا وصغيرنا، أن نكون في خندق واحد لكي نهزم هؤلاء المهاترين والمزايدين والمؤلبين، وأن لا نقف متفرجين حتى تأتينا النار، ولا نعلن الخنوع والخضوع لهؤلاء الدجالين، ونخدمهم من غير أن ندري، وسيكتب الله لنا التوفيق والنجاح، سيدحرهم، وسيمكننا في الأرض.