للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- العديد من الجهود والإنجازات في ما يخص الأمن الفكري، إضافة إلى جهود صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، أمير منطقة القصيم، رئيس اللجنة العليا لبرنامج تعزيز الأمن الفكري، من خلال «برنامج تعزيز الأمن الفكري» والذي يسعى إلى تعزيز الولاء والانتماء للوطن وقادته, وتحصين عقول الناشئة ووقايتهم من الانحرافات, إضافة إلى دور مؤسسات المجتمع في المساهمة في الحماية والتحصين, وتأصيل الأمن الفكري وتعزيزه في نفوس أبناء الوطن.
حيث يُشكِّل الأمن الفكري هاجساً سياسياً وفكرياً وأمنياً، ويُعدُّ من الأساسيات التي تُسهم وتعمل على تقدم وتطور الفكر الصحيح الوسطي المعتدل البعيد عن التطرف والغلو في الاتجاهات والممارسات والأفعال، وبالأمن الفكري تستطيع الأمم والدول أن تتقدم وتزدهر، ومن دون الأمن الفكري تعم الفوضى، ويختل الأمن الوطني، وتكمن أهمية الأمن الفكري كونه من المتطلبات الأساسية للحياة الإنسانية ولا يمكن الاستغناء عنه، فهو يُعتبر من الحاجات الإنسانية المُلحة التي لا يمكن لأي مجتمع بغيابه أن يعيش ويمارس دوره في التربية والبناء والتنمية, فهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعقل والتوجهات السليمة للأفراد والأمم، ولا يمكن أن يختلف اثنان في أهمية الأمن فهو يعبِّر عن شعور الإنسان بالاطمئنان والأمان في حياته, وغياب أسباب الخوف ومقومات بقائه ومصالحة المشروعة، ليشمل الأمن الفكري بذلك أمن الفرد وأمن المجتمع وأمن الوطن، ولا يمكن أن يتحقق أمن الفرد من غير أن يتحقق أمن المجتمع وأمن الدولة، فالأمن من المفاهيم الشاملة وله أنواع عديدة تتدرَّج في أهميتها والأولوية تبعاً لمدى الحاجة إليها، ولذلك تم تقسيمها إلى أنواع منها: الأمن الاجتماعي، والأمن السياسي، والأمن الاقتصادي، والأمن الجنائي، والأمن الغذائي، والأمن الوطني، والأمن الثقافي، والأمن البيئي، والأمن المعلوماتي، وصولاً إلى الأمن الفكري الذي يُعدُّ من المصطلحات الحديثة نسبياً، فالأمن بأنواعه يُشكِّل منظومة واحدة تؤثر وتتأثر ببعضها.
وبالطبع يتعرض الأمن الفكري للعديد من المهددات التي تستلزم رفع مستوى الحصانة الفكرية والنفسية للإنسان وتدريبه على القدرة للتصدي للضغوطات الحياتية التي تُساعدنا بشكل كبير في حماية أمننا الفكري. فالقوة البشرية هي القوة الأهم التي يمتلكها أي مجتمع، ويتم تحديد هذه القوة أو الثروة بما يمتلكه الأفراد من قيم ومبادئ وما يسلكونه من طرق جديدة تُساعدهم في تحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات المنشودة حيث تعمل هذه القيم على شحذ قوى الأفراد لمواجهة المشكلات التي تجابههم أو تواجه المجتمع بهدف الرقي بالمجتمع، لذا تسعى المجتمعات جاهدة إلى تربية تكفل لهم قوة نفسية تحمي هؤلاء الأفراد من خطر أي ضغوط أو مشكلات.
وللمملكة العربية السعودية دور بارز في تعزيز الأمن الفكري، فقد سعت إلى تحقيق هدفين، هما الجانب الوقائي والجانب العلاجي، وركزت الجهود في الجانب الوقائي بالأخذ بالأسباب الواقية من الخلل الفكري قبل أن يقع. تليه الإجراءات المُتخذه في الجانب العلاجي من خلال وصف الدواء المناسب للخلل الفكري بعد الوقوع، وتقوم سياسة المملكة في الجانب العلاجي على منهج نشر الوعي الصحيح.
ويمكن تلخيص إنجازات المملكة في الجانب الوقائي بنقاط عدة:
- الاهتمام بنشر الكتاب النافع وإقامة المؤتمرات العلمية والندوات الثقافية.
- رفع مستوى التعليم ومكافحة الجهل والأمية، فآلاف المدارس والجامعات تنتشر في المملكة وتعمل على مكافحة الأمية بكل صورها وأشكالها.
- تقديم العناية بالحرمين الشريفين وطباعة المصحف الشريف والاهتمام بعمارة المساجد وتشجيع العلماء والدعاة والمحتسبين والمفكرين والمثقفين والأدباء على تقديم الصورة الصحيحة لديننا الوسطي.
- العمل على تشجيع إبداع العقل الإنساني والفكر البشري وتكريم إنتاجيته، من خلال دعم جائزة الملك فيصل العالمية، وغيرها من الجوائز، التي تُمنح سنوياً لعدد من الباحثين والمخترعين والعلماء والأدباء والمبدعين.
- اهتمام المملكة بما وضعه الإسلام من تدابير وقائية تحمي وتحصن العقل وتصون وظيفته من خلال العمل على محاربة المخدرات الحسية والمعنوية.
أيضاً ظهر اهتمام المملكة بالأمن الفكري بوضعها أنظمة للمطبوعات والإعلام بالجهود المباركة التي يبذلها العلماء منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى يومنا هذا. وهذه الجهود حققت ما تهدف إليه المملكة العربية السعودية بفضل الله سبحانه وأظهرت نتائج حضارية في حماية الأمن الفكري للمواطن.
واستمرت المملكة العربية السعودية بالعديد من الجهود في تقويم الأمن الفكري في المجتمع، منها الحل الأمني التي أظهر انخفاضًا في معدلات العمليات الإرهابية التخريبية، ثم حتمية تأصيل مفهوم الأمن الفكري كأداة مساندة للحل الأمني، ثم إعداد برنامج المناصحة والرعاية تهدف إلى مكافحة الفكر المنحرف وفقاً لمنهجية علمية.
لذلك يجب الاهتمام بتفعيل الدور البحثي والتطبيقي لتعزيز الأمن الفكري وإشراك جميع فئات المجتمع فيه، والحرص كل الحرص على تأكيد دور الإعلام في ذلك، وفي الختام نسأل الله أن يحفظ لبلادنا أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لنا حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- التي لا تألو جهداً لبذل الغالي والنفيس لخدمة الدين والوطن.