تعود علاقتي بالمبدع الكبير عبدالله باخشوين في بداية الألفية الجديدة، وقد عملت معه في مجلة استجواب حينما كان مسؤولاً عن التحرير، وكنت مشرفاً على الصفحات الثقافية، كانت فترة موغلة في العطاء لكريم والتعاون الجميل والتعامل الراقي والنقي.
عبدالله باخشوين يأسرك بدماثة أخلاقه وتواضعه وروحه المسكونة بالمحبة، يتميز بإصغائه للمتحدث معه وكأنما يقرأ مشاعره وكلماته ليعبر إلى شخصيته، فليس سهلاً أن تقترب منه إن لم تتناغم مع روحه.
كان على فترات معرفته به هادئ الطباع، مسكوناً بالجمال، مهووساً بالكتابة، فإذا كتب فكأنه ينحت في الصخر، حيث العبارة الرشيقة والمعنى العميق في وعي بلحظة الكتابة.
لقد اختط صاحب المجموعة القصصية الأكثر شهرة (الحفلة) ثم المجموعة الأخرى (النغري) مساراً خاصاً في كتابة القصة التي تحمل الهم الجمعي وتتوشح الغربة والمشاركة والمعاناة الإنسانية، لهذا وجدت مجموعته القصصية الحفلة صدى بين المثقفين، ولاقت نجاحاً كبيراً، وكأنّ الذي لم يقرأ مجموعة عبدالله باخشوين الحفلة لم يعرف قيمة القصة بجمالياتها وعمقها واختزالها لسيرورة الحياة، فهي توحي دون تفسير وتتحدث دون أن تفيض بكل الأحداث، بناء متماسك بلغة متماسكة، وهو في إبداعه القصصي كما هو في إبداعه المقالي، رشيق الحرف جميل اللغة وعميق المعنى.
عبدالله باخشوين غاب فترة عن الساحة الثقافية فبدت تلك الساحة وكأنها عاقة لمبدعيها، وحينما نام على فراش المرض بدأت تنفض غبار العقوق لتلتف لهذا المثقف الجميل الذي أعطى المشهد الثقافي جلّ جهده ووقته ولم يأخذ من هذا المشهد إلا ما يكتنزه له محبوه والمعجبون بعطائه من محبة وتقدير له ولعطائه الإبداعي الذي سيخلده التاريخ كما يخلد الأعمال الإبداعية الفريدة.
** **
د. أحمد قران الزهراني - شاعر وأكاديمي