م. رمزي عبد العليم الجحدلي
كثيراً ما نسمع عن الاقتصاد الرقمي كنموذج للنمو الاقتصادي، لكن لم تؤخذ ماهيته بكثير من التفاصيل، فالاقتصاد الرقمي يعتمد على الإنترنت كمحور لتحقيق الكفاءة في الأداء والإنتاجية، وإيقاف الهدر بتكلفة أقل مما يحصل اليوم في الاقتصاد التقليدي المميكن، ومن ذلك الفرق تتكون القيمة المضافة كمخرج للاقتصاد الرقمي، فكثير من التطبيقات المنتشرة اليوم في القطاعات الناشئة اعتمدت على إعادة هيكلة سلاسل الإمداد بشكل رقمي ذي كفاءة عالية، سمح لها بمنافسة الطرق التقليدية وتحقيق هامش ربح، وهذه إحدى نماذج الفاعلية في الاقتصاد الرقمي وغيرها الكثير.
ولكن ما يثير الاهتمام أن كل هذه التطبيقات التي وضعتنا في مكانة متقدمة كدولة رقمية قد تمت بسواعد وطنية شابة. فشبابنا قد قدموا البرهان الملموس على أن الإمكانات متوافرة والممكنات متاحة. فرؤية المملكة 2030 لم تكن مثل كثير من الرؤى التي طرحت حولنا في التاريخ المعاصر، والتي ركزت على الأهداف فقط بل وضعت الأهداف والإمكانات والممكنات كمحاور رئيسة، مما جعلها مرتبطة بالواقع ومنطلقة منه، مما جعل الكثير من مراكز التحليل والاستراتيجيات تنظر لها بمصداقية عالية.
إن إمكانات وممكنات الاقتصاد الرقمي هي واقع ملموس في بلادنا لكن يجب الأخذ بالاعتبار أن تحقيقه لن يكون بأبجديات القطاع الخاص التقليدية, فهي بعيدة كل البعد عما هو مطلوب لنجاح الاقتصاد الرقمي الذي يعتمد على صناعة الفرص لا العيش على ما هو متاح، فهو بحاجة إلى قطاع يعتمد الفكرة كمكون أساسي وتحويله إلى قيمة ولبنة بناء لسوق العمل.
إن قطاع ريادة الأعمال يملك كل ما هو مطلوب لصناعة اقتصاد رقمي متقدم على مستوى العالم. فكل ما هو مطلوب هو تبني أبجديات ريادة الأعمال ونشرها على نطاق عريض داخل المجتمع السعودي، واستبدال الثقافة السائدة «تعلَّم لتحصل على وظيفة» بثقافة «تعلَّم واصنع وظيفة»، وينضوي تحتها إزالة حواجز الخوف من التجربة والتغيير .
نحن شعب ريادي بالفطرة وواقع بلدنا العظيم خير مثال، فقد بنيناه على رمال الصحراء تحت قيادة رشيدة لا تعرف المستحيل، فلو سألنا أحد قادة الأعمال في العالم المتقدم عن إمكانية فعل ما فعلناه في بلدنا، لكانت إجابتهم بالاستحالة حسب مقومات البيئة وشح الموارد. ولكن قضى الله أمراً كان مفعولاً وأيَّدها برجال لن يدخروا جهداً حتى يروها بين النجوم. فبحسابات الفرص والموارد وتقديرات المخاطر في الدراسات الحديثة لم يعد هناك مبرر لخوف ينسينا أننا رواد أعمال وصانعو المستقبل. دمتم مسددين.