د. عبدالرحمن الشلاش
أطرح على نفسي سؤالاً ربما له أهمية لدى البعض, وربما لا يخطر على بال البعض الآخر لذلك لا يشكل لديهم أي مساحة ولو ضئيلة من الاهتمام! السؤال: هو هل توجد علاقة طردية بين زيادة المال والبخل، بمعنى أنه كلما زاد مال الشخص زادت لديه رغبة الإمساك بالمال أي البخل والتقتير وقلة الصرف. زاد المال وتصاعدت الأرقام زاد البخل والمنّة.
قد يكون هذا الاستنتاج شخصياً لكنه في كل الأحوال موجود. طلب أحد القريبين مني أن أتحدث لبعض رجال الأعمال الذين أعرفهم وتربطني بهم علاقة إما قرابة أو صداقة أو في أقل الأحوال معرفة, وهذا الحديث بخصوص مبادرة مرخص لها من إمارة المنطقة لمساعدة بعض الأسر المحتاجة، ولأن العمل خيري بادرت فورا لمخاطبة مجموعة من التجار ثرواتهم كلهم مليونية وعددهم نحو 15 وأكدت عليهم ووضحت لهم أهمية المبادرة وعدد الأسر التي تستهدفها وفي شهر رمضان المبارك, ورغم أن التبرع المطلوب يبدأ من مئة ريال إلا أن عدد المستجيبين لا يزيد على أربعة أغلبهم ربط التبرع بمخاطبة الإمارة له رسمياً وهذا حقه، لكن غير المستساغ ولا المقبول أن يطلب بعضهم ربط التبرع بالإعلان عن شركته أو نشاطه ضمن المبادرة لمجرد أن يتبرع بحفنة من الريالات. رغم أن هذا التاجر لديه زكاة مال عليه أن يخرجها، ولديه صدقات من أمواله الطائلة إن كانت لديه ثقافة العطاء والإنفاق.
في بلادنا بحمد الله تجار ثرواتهم كبيرة لكن عطاءهم قليل بل محدود وربما معدوم، ولم يجربوا العطاء والتوسيع على المحتاجين لينعموا براحة البال حين تبدو آثار السعادة في وجه فقير أو مديون أو معسر أو مريض بحاجة لإجراء عملية عاجلة أو طالب يرغب في مواصلة دراسته وتحقيق طموحة، حتى أن بعض هؤلاء التجار لديهم أقارب في أمس الحاجة للمساعدة، ومد يد العون لهم ولكن رغم ذلك لا يهتمون بأمرهم ولا يسألون عنهم، بل إن بعضهم أخ أو أخت أو عمة أو خالة إلى آخر القائمة من الأقارب وكذلك الأصدقاء أو الجيران.
حتى لا أكون قاسيًا هناك فئة قليلة تعطي وتدعم وتسهم وتشارك في معظم المبادرات في إطار مسؤوليتهم نحو مجتمعهم، بل إن منهم من قدم للوطن مشاريع يفخر بها، وفئة تعطي لكن عطاءها مشروط بالإعلان عن الشركة أو المؤسسة، والفئة الأخيرة لا تدعم ولا تعطي ولا تشارك وتدخل ضمن عينة كلما زاد ماله زاد بخله ولم يتذوق راحة العطاء وجمالياته خاصة عندما يكون بلا منّة، وليسألوا أهل العطاء فهم في راحة بال دائمة.