محمد سليمان العنقري
لعل موضوع ارتباط الجامعات بل وحتى الكليات التقنية والمعاهد المهنية بمعالجة ملف البطالة يعد من أهم المواضيع التي تحظى بنقاش دائم فإذا كان الاقتصاد في فترات يولد نسبا كبيرة من فرص العمل بقطاعات كالتشييد والبناء التي غالبيتها تكون عمالة متدنية الدخل والمتطلبات التأهيلية لكن بالمقابل هناك فرص عمل تتطلب مؤهلات عالية يكون للجامعات والمؤسسات التعليمة فوق الثانوية دور في توفيرها عبر مواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل ومع إطلاق رؤية 2030 وما يواكبها من تنمية وتوسيع لقطاعات اقتصادية عديدة في الصناعة والخدمات فإن توجهات التعليم والتأهيل أصبحت أكثر وضوحاً وبذلك يصبح لدى هذه المؤسسات خارطة طريق واضحة لرفد سوق العمل بالكوادر المؤهلة.
فالجامعات وإن كانت مؤسسات علمية وبحثية ولها أدوار كبيرة في خدمة المجتمع إلا أنها تعد منشآت اقتصادية أيضاً وبخلاف ما تحدثه الجامعات من رفد لاقتصاد المدينة التي تقع فيها في دعم قطاعات عديدة بزيادة الطلب المحلي على السلع والخدمات إلا أن لها دورا كبيرا جداً في حلول البطالة فالخريجين هم بالنهاية يعكسون ما تطرحه الجامعات من مخرجات التعليم وبالتالي فإن زيادة التوظيف من خريجي أي جامعة يعكس مدى مواءمة مخرجاتها مع سوق العمل والعكس صحيح وهو ما يضع مسؤولية كبيرة على الجامعات في أن تكون جزءا من الحل بملف البطالة وتلبية احتياجات السوق من المؤهلات المطلوبة ففي لقاء لمعالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ ضمن ورشة عمل للدرجات والتخصصات العلمية المزدوجة أكد على مسؤولية الجامعات في تجسير الطلبة لسوق العمل وأن مسؤولياتها لا تتوقف عند حدود تخريجهم فقط.
فنظام الجامعات الجديد والذي بدأ تطبيقه تدريجياً بعدد محدود من الجامعات وسينتقل للبقية في السنوات القادمة بقدر ما يعطيها حرية منضبطة في إدارة شؤونها ومرونة عالية في توجهاتها من حيث التركيز على تخصصات دون غيرها إلا أنه يضعها على كرسي المسؤولية على طاولة المعنيين بمخرجات سوق العمل ومواكبة متطلباته وهو ما يتطلب بالضرورة تفعيل أو إنشاء إدارات مختصة في الجامعات لربطها مع مستقبل الاقتصاد الوطني وما يتطلبه من تخصصات أكاديمية ومهنية فالرؤية هي خارطة طريق واضحة للجامعات في توجهات الاقتصاد ونوعية المخرجات المطلوبة فيه حالياً ومستقبلاً فالميزانيات التي تخصص للجامعات مع ما أعطاها من مرونة نظام الجامعات بتعظيم مداخيلها يمكنها من التحول لأن تكون مخرجاتها تعكس كفاءتها الاقتصادية والعلمية.
الجامعات جزء من الحل بملف البطالة وارتباطها وثيق بسوق العمل ويفترض أن تقيس مستوى كفاءتها بنسبة من يتوظفون من خريجيها سنوياً فهذا المؤشر يعد أحد أهم ما يمكن قياس نجاح كل جامعة في تحولها نحو الارتباط بسوق العمل ونسبة ارتفاع كفاءتها من كافة الجوانب لتكون رافداً مهماً لتنمية رأس المال البشري الذي يعد أحد أهم ركائز نجاح التنمية المستدامة بالاقتصاد الوطني.