عثمان بن حمد أباالخيل
قبول الأمر الواقع، والعيش معه، وعدم تغيير الواقع الاجتماعي، يعشعش في عقول الكثير من الناس؛ ومرده الرضا بواقعه، مع أنه يمكن تغييره إلى الأفضل. هناك مقولة قديمة، لكنها تعيش بيننا، هي: (تغيير الحال من المحال). هذه المقولة وغيرها مغروسة في أذهان الكثير والكثير من الناس، وبطبقات المجتمع كافة. نحن في زمن أصبح فيه المال هو المحرك لمشاعر الكثير من الناس، ومجتمعنا كغيره من المجتمعات يفتقد ثقافة تغيير الواقع والرضا بما غُرس في ذهنه.
من صور الواقع الذي يجب تغييره غياب ثقافة الحوار؛ إذ نجد أساليب العنف والتسلط تتفشى داخل الأسر من قِبل الأبوين أو أحدهما، وعلى الأبناء السمع والطاعة وعدم الحوار، وترديد (أبشر) مع عدم القناعة. كذلك اختيار الجامعة والكلية من قِبل الوالد، وعدم مراعاته رغبة الابن أو البنت؛ والنتيجة ضياع سنة أو أكثر متنقلاً أو متنقلة بين الكليات. وصورة ثالثة راسخة ومحفورة عند كثير من الناس، هي موضوع الزواج بين الناس، فهناك مسميات وأعراف غير إسلامية، لكنها خط أحمر، القليل والقليل من الناس من يتجاوزه. هذا هو واقع الحال.
ومن المواقف الصعبة التي تواجه الإنسان قبوله بمبدأ (هذا واقع الحال)، وخصوصًا حين يكون غير مقتنع بما هو عليه، وليس هناك خيار سوى التأقلم والقبول.
هل هذه سنة الحياة أم سنة الإنسان المتمسك بالحال؟ هناك قاعدة 90 / 10، وهي قاعدة اجتماعية للكاتب ستفن كوفي: 10 % من أحداث حياتك خارجة عن إرادتك، و90 % من أحداث حياتك تعتمد على ردود أفعالك. بمعنى أن 10 % لا إرادة لنا أو سيطرة عليها. نحن لا نستطيع أن نمنع على سبيل المثال: - «تعطُّل السيارة»، أو «تأخُّر الطائرة» عن وصولها في الموعد المحدد، وما يترتب على ذلك من إرباك لبرامجنا. ولكن نحن من يتحكم في تحديد الـ90 % الأخرى. كيف يكون ذلك؟ الجواب: بردود أفعالنا المترتبة على الأحداث.
مرة أخرى من واقعنا: منظر وقوف سيارات المصلين العشوائي عند المساجد، وخصوصًا يوم الجمعة، إنه منظر من واقعنا الذي يصعب تغييره ما لم يُغيَّر. وسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها وألوانها كافة أظهرت واقع شريحة كبيرة من المجتمع، أكان هذا واقعًا وظهر على السطح حين سنحت له الفرصة؟ وأي واقع؟! إنه واقع استفزازي. ولا ننسى التعصب الرياضي، وتلك الألفاظ النابية من هنا وهناك، أهذا هو واقع المشجع السعودي أم إنه أزمة تشجيع رياضي؟
في مجتمعنا هناك تناقضات كثيرة، تتمثل في الممارسات والسلوكيات الاجتماعية والثقافية والفكرية.. وهناك أمثلة كثيرة، تستطيع التعرف عليها. إنها تحوم حولك. متى نفكر حين نقول هذا واقع الحال؟ متى نستعمل المنخل في معرفة ما هو واقع وما هو غير واقع؟ فالمجتمع يقف على جبل من (هذا واقع الحال).
أخيرًا يقول علماء النفس: عندما تطلق لخيالك العنان كي ترسم الصورة التي تحبها في حياتك فإنك بذلك تستخدم قوة التفكير الإيجابي في تغيير واقعك الذي لا تريده. فالتفكير الإيجابي بالواقع الاجتماعي الذي تمارسه في حياتك طريق سهل وممهد للابتعاد عن التفكير السلبي بذلك الواقع الذي تمارسه. جهات كثيرة لها دور إيجابي في تغيير الواقع الخاطئ الذي تعيشه شريحة كبيرة من المجتمع. من تلك الجهات وزارة الرياضة، وإدارات المرور، وإدارات البلديات، ووزارة الثقافة، ووزارة الإعلام، ووزارة التعليم، وإدارة المساجد. على تلك الجهات مضاعفة الجهود، ووضع الخطط في تغيير واقع المجتمع. ولن يحدث ذلك في يوم وليلة، لكن البداية الإيجابية تصل بالمجتمع إلى واقع مميز.