رمضان جريدي العنزي
قال الشاعر:
إن الغنى عن لئام الناس مكرمة
وعن كرامهم أدنى إلى الكرم
وقال آخر:
واحذر مصاحبة اللئيم فإنه
كالقحط في أفعال خير مجدب
وقال آخر أيضًا:
ونذل الرجال كنذل النبات
فلا للثمار ولا للحطب
وقال حميدان الشويعر:
وقت الرخا تيس مسلفع
وان جت الشدات لقاك قفاه
وقد قيل: (اللئيم كالحية الصماء، لا يوجد فيها إلا اللدغ والسم). إن اللؤم صفة ذميمة، وخلق سيئ. واللئيم نذل رذل، فيه رداءة وقبح وخسة. واللئيم لا يشكر الفضل، وينسى المعروف، إذا حضر اغتاب، وإذا غاب عاب، مثل شجرة الشوك، يضر ولا ينفع، إذا استغنى بطر، وإذا افتقر قفط، يميل إلى اتباع الهفوات، ويجيد صنع السيئات، كذوب الوعد، نادر العطاء، لا يؤمَن شره، وعديم خيره، خلت نفسه من مقومات الكرامة، يقابل الإحسان بالإساءة، لا تجدي معه الملاينة، ولا ينفع معه الإكرام، وحسن المعاملة، يخفي حسنات الآخرين، ويجسم سيئاتهم، ويسارع إلى كشف المعايب والإرشاد إليها، ويتلذذ بإلحاق الأذى بالآخرين، لا ينجو من أذاه أحد، ولا يمنع مكروهًا عن أحد، ملامحه صفراء بائسة، ما عنده ثبات ولا وفاء، يخلق في النفس الألم والحسرة، طبيعته معقّدة، غريبة عجيبة، يكفر ولا يشكر، نزعته ثعبانية، وتعامله ثعلبي، وأخلاقه تشبه أخلاق الضباع، يخلط الحابل بالنابل، الشر كامن في نفسه، والحقد مستوطن قلبه، مشبع بالنكد والجحود والنكران ونسيان المعروف، مثل شيطان مريد.
إنّ اللؤم فيروس العصر، وأغلب المصابين به هم الذين لا يعشقون الحقية والوضوح، ويحبون الدسائس والمناكد، كونهم يعيشون الخواء الروحي، والاضطراب النفسي، والضعف الأخلاقي، وانخفاض درجة الوازع الديني. إن اللؤم عملية هدم شنيعة. واللئيم لا يستطيع التعايش مع الآخرين بسلام، ويكره أن يرى الآخرين متفوقين وناجحين ومستقرين، ويحب السعي بين الناس بالفتنة والضلال. إن اللئام يعيشون بين أظهرنا، وهم يعلمون أن الكثير من أعمالهم مكشوفة، وألاعيبهم بائنة، ولكنهم رغم ذلك يمارسون اللؤم بعلن وخفاء، وكر وفر.
إن اللؤم معيب، والوقوع فيه يزيل الشهامة والمروءة والكرامة. واللئيم مثل صاحب البضاعة الرديئة، يحاول تصريف بضاعته بكل وسيلة وطريقة، فذلك شانه، لكن الحصيف اللبيب هو الذي يميز بين السليم والسقيم، وبين الحق والباطل.