علي الخزيم
كلما سجّل شباب طويق إنجازًا عمليًّا أو معنويًّا بأي مجال من مجالات الإبداع بكل شؤون الحياة، وكلما قيل إن شباب مملكة العزم والحزم والإنسانية يقدمون أنفسهم للعالم بأنهم مكان الإعجاب والاحترام لما ينشرونه من قيم أخلاقية ومهنية وإبداعية بشتى الفنون والآداب، تبرز فجأة الفئة الاستثناء من هذه القاعدة لتقول للجميع: (نحن هنا لا نأبه بقيمكم وحضارتكم وتطوركم، ونصرُّ على العبث والفوضى وسطحية التفكير وضحالة العمق المجتمعي لدينا)، وهم بالفعل يقدمون أنفسهم بين فينة وأختها من خلال ظواهر وتفاعلات فيما بينهم، تشير إلى مدى تدني ذهنيتهم وفهمهم لأبعاد مقومات نهضة المجتمع، والمسافة التي تبعدهم بجهلهم عن المشاركة بالنهضة الشاملة التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين ويقودها -الموفَّق بإذن الله- سمو ولي عهده -حفظهما الله-. فئة ترى أن الممارسات البهلوانية الخارجة عن المألوف، وامتهان ما يجدونه من نعم بين يديهم بفضل ما أفاء الله به على بلادهم، وأنعم به عليها وشعبها الكريم، بتصرفات وأفعال يندى لها الجبين، وتجرح مشاعر كل مواطن يخشى الله، ومن زوال نعمه وحلول سخطه، نعوذ بالله من ذلك.
لن أستقصي كثيرًا بالأمثلة، وسأكتفي بمثالين للرمز وللفكرة.. فقد انتشر منذ أيام قليلة فيديو مصور، يبدو أنه خلال احتفالية بمناسبة أسرية، يُظهر امتهان النعمة بصناعة حلوى بطريقة مقززة - أعزكم الله - على شكل (حفائظ أطفال مستعملة ومثيلاتها)، وتمريرها وسط قهقهات بعض النسوة الحاضرات وتعليقاتهن الساخرة، وتعبير بعضهن بالإعجاب بالفكرة، ربما مجاملة لمن صنعت الحلوى بتلك الطريقة هداها الله، وأجزم أن من بينهن من لم تقبل بذلك، بل ربما أنها شجبته واستنكرته وإن لم يتضح هذا من المقطع المتداول. وإني أتطوع لنقل تذمر كثير ممن شاهدوا هذا الأذى وإنكارهم لمحتواه وما يرمز له، وتخوفهم من حلول العقوبة الربانية لنا جميعًا إن سكتنا على هذا البطر والعبث ونكران النعم، ودعوات الكثيرين لاعتبار مثل هذا التجاوز واللهو الممقوت مما يدعو لتتبُّعه ومحاسبة مرتكبيه وردعهم وأمثالهم عن كل ما من شأنه خدش قيم المجتمع المسلم المحافِظ الذي يخشى الله بكل جوارحه، ولاسيما أننا نعيش هجمة شرسة من الوباء والجائحة الكورونية، وهي من دواعي عودة المقصرين والسادرين واللاهين إلى الله والحق والشرع المبين، والتوبة إليه سبحانه عن كل إسراف وتبذير، ومن كل ذنب قد يقعون فيه. والمثال الآخر هو تقليعة تناول القهوة برضاعات الأطفال الرضع بطريقة لا تقل عن سابقتها بخدش مروءة الإنسان المتحضر، وتبرهن على أن بيننا فئة لا تقدر ما بها من نعمة، ولا تلامس طموحات شعب يسابق الأمم الآن إلى مدارج النجاح؛ فالفلاح والتفوق يتحقق بمجالات كثيرة -ولله الحمد والثناء- غير أن هذه الفئة تعيش أجواء مختلفة بسبب قصورها الذهني، وربما فقدان الوعي بمقدرات المجتمع ومستقبل الأجيال ونهضة البلد بأكمله للوقوف -كما هو حاله- واثقًا بين البلدان والشعوب المتقدمة. أفيقوا أيها الفتيان والفتيات فالزمن زمن السباق نحو الأمجاد، لا اللهو بالافتراء بالنعم.