مع التقنيات الحديثة بدأ التغير في حياة المجتمعات، وصار هناك ما يشد الاهتمام، كالأفلام ووسائل التواصل الاجتماعي والجلوس في المقاهي والاستراحات، وهكذا يمضي الوقت الذي هو أعمارنا، الذي سنُسأل عنه، وهو الفراغ كما يسمونه، تفضل الله به علينا، فكيف نزجيه في اللهو؟!
الوقت من أعظم النعم وأجلّها، أقسم الله به في أكثر من سورة؛ قال تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، وقال: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}، وقال: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، وجاء في السنة: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». نعم، الفراغ إذا لم يستغله الإنسان الاستغلال الصحيح تحوّل إلى تعطيل للطاقات. فالشباب هم أمل الأمة بعد الله، بهم تتقدم الأوطان، وعلى سواعدهم يرتفع البناء، وهم الثروة الحقيقية، فإذا أضاعوا أوقاتهم دون تحقيق مكاسب تُذكر فكيف ستكون الأمة؟ وما هو مستقبل الأجيال؟
صحيح ورد في السنة «روحوا عن النفس ساعة بعد ساعة فإن القلوب تكل»، وهذا يعني أن الحياة ليست كلها عملاً مستمرًّا، ولكن لا يعني ذلك أيضًا قضاء الساعات الطويلة في الترفيه دون إنجاز يفيد الوطن. فالمشاهد أن الكثير من الشباب بنين وبنات يقضون أوقاتهم في السهر والنوم خلال النهار، فأي ترويح هذا؟! إنه تعطيل للقدرات. الشباب هم الثروة الحقيقية، الدول الصناعية حققت تقدمها بسواعد أبنائها، وكلما علت الهمم ارتفع البناء، والعكس صحيح؛ فلا يصح أن نبقى مستهلكين دون أن يكون لنا دور في الإنتاج والبناء الحضاري، فالدين الإسلامي أمر بالسعي وحث على العمل. وقوة الأمة لا تأتي بدون شباب ذي عزيمة وطموح، فالقوة تعني وجود شباب أعطى وقته وجهده في الإنتاج ورفعة بلاده. بمثل هؤلاء تتقدم الأمم، ويسعد المجتمع، وتُبنى الحضارات، لا بالتواكل وحب الراحة دون تحقيق مكاسب يتقدم بها الوطن ويعلو بها البناء.