تَتناثَرُ أصْداءُ الجَمالِ مِنْ قصائِدِ الشُّعَراءِ في يومِ عُرْسِهِم العالَمِيّ؛ فتَتَجلَّى أزاهيرُ الغَزَلِ والحِكْمةِ والاعتِزازِ؛ لِتُنيرَ ظُلمةَ الأشْجانِ والقَلَق، وتَنْسابُ في النُّفوسِ مَشاعِرُ الطُّمأْنِينَةِ والثِّقَة والألَق، فأقول:
سَرَى طيْفُكِ الحَانِي وقلْبِيَ ما سَرَى
فكيْفَ يَطِيبُ القلبُ إنْ فاتَهُ السُّرَى
تَنهّدْتُ أشْواقاً ولِلَّيلِ غُرْبةٌ
فَمَا كلُّ شوْقٍ يُستَلَذُّ بِهِ الكَرَى
كَتبْتُ مِنَ الأشْعارِ، وَجْهُكِ مَطْلَعِي
فأنتِ كمالُ الحُسْنِ، أنْتِ لِيَ القِرَى
عَلِمْتُ بِيوْمِ الشِّعْرِ جِئْتُ مُتَوِّجاً
وصَوْتِي بِهِ غنَّى وباحَ وصَوَّرا
هَمَمْتُ بأبياتٍ فَهاجَتْ قَريحَتِي
وهلَّتْ كَطَلِّ الفَجْرِ يُوقِظُ مِزْهَرا
هُوَ الشِّعْرُ إلْهامٌ يَفيضُ قَصائِداً
وكَمْ شاعِرٍ ناجىَ وهامَ فَعبَّرَا
فإنَّ قَوافِي الشِّعْرِ بَوْحٌ ووزْنُها
تُقِيمُ شَوَادِيهِ البِنَاءَ المُكَسَّرا
تَفاخَرَتِ الأقوامُ في قَوْلِ شاعِرٍ
بِهَا نَالَتِ السَّبْقَ المُعَزَّرَ في الوَرَى
سَيَبْقَى القَصِيدُ الفَذُّ صَلْداً عِماَدُهُ
ويَبْقَى لَنا ذِكرى تُشعٌّ تَذَكُّرا
فكَمْ حَامتِ الأصْداءُ مِنْها حَمَائِماً
تَنُوحُ فيشْدُو الخيْرُ شَدْواً مُؤثِّرا
أقولُ بأنَّ الشِّعرَ رأيٌ وحِكْمةٌ
ومَنْ جادَ بالأشعارِ أسْرجَ مِنْبَرا
رأيْتُ لُحُونَ الشّعْرِ تَنْسُجُ رايةً
بِها يَرفَعُ الشُّعَراءُ حقًّا مُقدَّرا
وأيْقَنْتُ أنَّ الشِّعْرَ يَزْدَانُ بَهْجَةً
بِيومٍ تَباهَى الشِّعْرُ فِيه وعَطَّرا
فإنّي أقولُ الشِّعرَ فَخْراً وعِزّةً
ولسْتُ كمَنْ باعَ القصائِدَ واشْتَرَى
وأجْمَعُ بيْنَ الصِّدْقِ والشَّدْوِ أبْتَغِي
وَفاءً وتقْديراً لأمْضِي فأفْخَرا
فأشْدُو بأبْياتِ القَصيدِ كَبُلْبُلٍ
تغنَّى بِها فوْقَ السَّحابِ لِيُبْهِرا
لأنّي رأيتُ الشِّعْرَ يَسْمُو إلى العُلا
وليْسَ كمَا ظَنُّوهُ في الناسِ خِنْجَرا
فأدْرَكْتُ أني في هوَى الشِّعرِ مُغْرَمٌ
أغُوصُ بأعماقِ البُحورِ لأُبْحِرا
أمَا قُلْتِ إنَّ الشِّعْرَ نَبْعٌ وأنْهُرٌ
وإنَّ بُحورَ الشِّعْرِ تَسقِيكِ سُكَّرا
كَتبْتُ قَصيدَ الحُبِّ ظنًّا بأنّنِي
أَهِيمُ بِمَنْ تَسْمُو شُمُوخاً وعَنْبرا
فهَا أنا ذَا أنْثُرُ الوَجْدَ صادِحاً
لِيبْقَى مَقامُ الشِّعْرِ فينا مُؤزَّرا
فيَا أيُّها الجمْعُ الكَريمُ تَحيِّةً
فمَا سُقْتُ لَحْنَ اليومِ إلاَّ لِأشْكُرا
** **
- شعر: د. سالم بن محمد المالك