عبده الأسمري
يسير الإنسان في دروب الحياة مجللاً بدوافع وتربية، ومكللاً بأمنيات وهوية.. يمضي على الدرب ما بين غيبية «القدر» وظاهرية «المقدر»، ويسير عبر المحطات بين فجائية «القضاء» وغوغائية «التهور».. فتأتي النتائج متأرجحة بين رضا إجباري أو قنوط اختياري.. ليبقى المصير في دوائر مشكَّلة من اليقين والأنين.
تبدأ اتجاهات العيش مع تلك البصمة الأولى التي يطبعها الإنسان على صفحات الحياة مع أول كلمة ينطقها، وتدخل حيز «الفهم»، ويصفق لها الحاضرون ريثما تأتي أخرى فتكون أكثر سعة في الاستيعاب؛ فتتوالى الهبات الربانية في أرصدة «البشر» من على عتبة «النطق»، وتأتي بعدها خطوات أخرى تتمثل في «القراءة» و»الكتابة» اللتين تضعان «الشخصية» في أول ميزان فعلي للنجاح والفشل، ومن هنا يبدأ المشوار الذي يمضي فيه قطار العمر إلى حيث «المغانم» أو «المغارم»..
تبدأ الحياة بتدرج الإنسان بين «حظوة» الدوافع و»سطوة» المنافع ليقيم في قلب «الأمنيات»، ويبقى في «قالب» التكهنات.. موليًا شطر اتجاهاته نحو «الانتظار» الذي يرسم ملامحه ما بين «تأكيدات» و»توقعات» تتواتر بين «استذكار» ماضٍ و»تذكر» حاضر في خضم بحر لجي من «المعطيات» التي تظل في طي «الأجل» ووسط غي «التعجل»..
يصعد الإنسان عبر سلالم مختلفة «المقاسات» للوصول إلى المنشود في طريق مفروش بالوعود أو درب مغشوش بالجمود؛ ليظهر «التباين» بين الباحث عن «النجاح» والغائب عن «الكفاح» فتأتي النتائج في متون من العزائم أو هوامش من الهزائم فيتجلى «عدل» النصيب للتمييز بين تميز «المجتهد» لذاته وتحيز «المعتمد» على غيره فتكتب على «صحائف «السير» معالم «الانتصار» أو علامات «الانحدار».
لا تخلو الحياة من المواجهات في ميادين «البشر بين موازين الخير»، ووسط مضامين «الشر»؛ لتتبين فيها حقائق «المنطق»، وتسقط خلالها طلاسم «الحيل»؛ فتتبارى الأنفس ما بين متفانية تبحث عن «الحق» وتلوذ بالواقع، ومتحاملة تنبش عن «الباطل» وتحتاط بالزيف في منظومة «اصطدامات» على أرضية «الوجود» و»مصادمات» في منطقية «الصمود»؛ فتحل «الصراعات»، وتطل «التبعات»؛ ليأتي دفع «الثمن» من ضياع «وقت» أو تضييع «جهد» والفائز المائز مَن انتصر على أنانيته ونصر موضوعيته، ونادي بالواقعية ومقت الهامشية، وسار على درب «العزيمة» حتى يحقق أهدافه، ويلبي مطالبه على ضوء «الواجبات» وضياء «الحقوق»..
الاتجاهات كثيرة، وهناك اتجاهات تأتي أمام الإنسان ليحدد بوصلة مسيرته، وأخرى تصنع أبعادها «النفس»، وترسم حدودها «الروح» في مواءمة بين الشغف والهدف، وملاءمة بين المآرب والمشارب في دروب لا تخلو من المواجهات المؤكدة والمحتملة والمتوقعة وحتى الفجائية التي يجب أن يحتاط لها بالصبر والتأني والحلم والحكمة والدراية وبُعد النظر وقياس النتائج قبل خوض التجارب وصولاً إلى تحديد الوجهة الخاصة التي تحدد هوية «الشخصية» وخارطة طريقها للوصول إلى الأهداف التي تولد «القوة» التي تجنى بها الثمار أو «الهوة» التي يؤول إليها «الخذلان».
صناعة «الاتجاه» نحو الهدف تحتاج إلى أدوات «الهواية» و«الرغبة» و«الأمنية»، وتتطلب شروط «الهمة» و«المثابرة» و«المصابرة»، وتحتم ضرورة «الفكر» و»الفهم» و«التدبير» التي تتيح للإنسان اجتياز «المواجهة» مع العراقيل وتجاوز «المجابهة» مع العوائق، وتحديد مستوى النزال في «التصادم» الاضطراري مع حتميات «المحطات»، وتمديد وقت «التنازل» عن «حقوق» النفس للنأي عن فرضيات «الجدال» والسمو عن «افتراضات» التجادل للوصول إلى منصات «الرقي» التي تقيم «مقامات» البشر بين غلبة «البصائر» ومغبة «الخسائر».
بين اتجاهات العيش والتعايش ومواجهات الاختلاف والخلاف ومصائد «التعدي» ومكائد «التمادي» ينال «الحصيف» وسام «الجسارة» بيقين «النفس النقية»، ويتكبد «السخيف» ملام «الخسارة» بأنين «الذات الأنانية»؛ ليبقى الإنسان حسيب نفسه ورقيب ذاته في منظومة عمر تمضي وفق تراتيب قدرية، وتسير في أفق أقدار حتمية، وتبقى الحياة «ميدانًا» ممتلئًا بالمواقف والوقفات مكتظًّا بالعبر والاعتبارات.