فدوى بنت سعد البواردي
أصدر مجلس الوزراء السعودي، في شهر مارس 2021م، قرارًا بتشكيل لجنة باسم «اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار»، وهي لجنة ترتبط بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية, ويرأسها رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتُعنى بتنمية قطاع البحث والتطوير والابتكار في المملكة.
ولكي نتحدث عن أبعاد هذه الخطوة الرائعة، فلنحاول بدايةً الإجابة على التساؤلات التالية...
هل يوجد فرق بين الإبداع والابتكار..؟ وما هي عوامل وجود الإبداع لدى الفرد.. هل هي عوامل وراثية ذهنية.. أو هي عوامل يكتسبها الفرد من خلال التعلم..؟
والإجابة هي.. «الإبداع» هو خلق فكرة جديدة، أما «الابتكار» فهو تطوير فكرة موجودة بالفعل بشكل جديد ناجح. وهما وجهان لعملة واحدة، حيث إن «الفكرة الإبداعية» تحتاج إلى تطوير وتحويل إلى «ابتكار» من أجل تحقيق إما إنجازات إستراتيجية على مستوى الدول والمؤسسات لتعزيز الذكاء المنظمي، أو إنجازات على مستوى الأفراد.
كمثال، بداية الهواتف الذكية كان مجرد فكرة إبداعية من شركة IBM في عام 1994م، إلا أن الابتكار الفعلي الناجح لصناعة تلك الهواتف وتطويرها وتسويقها كان من خلال شركة Apple لاحقًا.
كما أن الإبداع لا يُشترط أن يكون وراثيًا. وتوجد ثلاثة عوامل أساسية للإبداع: العامل الأول هو «وجود تحدٍ أو عقبة» يواجهها الفرد ويسعى بالتفكير للوصول إلى حلول للتغلب عليها، حتى إذا تتطلب التفكير وقتًا طويلاً.
والعامل الثاني هو «البيئة المحيطة» بالفرد، وتشمل العلم والتدريب والخبرات المكتسبة والقدرة على استخدام التقنيات، وكذلك القدرة على تقييم ما إذا كانت الفكرة صالحة للتنفيذ أو غير ذلك. ولتحقيق هذا العامل، يجب أن يكون الفرد مدركًا لمهاراته ونقاط قوته وهواياته والجوانب التي يمكنه الإبداع فيها، ويجب كذلك أن يكون الفرد على درجة من الثقة بالنفس والشجاعة الكافية لاقتراح تلك الأفكار الجديدة.
أما العامل الثالث فهو «التجربة والقدرة على تقبل المخاطرة وعدم النجاح المبدئي»، ومن ثم التعلم من الأخطاء والمحاولة من جديد بلا كلل.
وتوجد بعض الأدوات والتقنيات التي تساعد الفرد على الوصول إلى الأفكار الإبداعية والابتكارية، مثل:
أداة «الخرائط الذهنية» أو ما يعرف بـMind Maps، ومن خلالها يتم رسم المعلومات المتوفرة عن طريق كتابة كلمة مختصرة عن كل معلومة وترتيب جميع المعلومات الأخرى ذات العلاقة عن طريق خطوط واضحة مما يساعد على منطقية التفكير والرؤية الصائبة.
وتوجد أيضًا أداة «المخططات» أو ما يعرف بـFlow Charts، وهي رسومات توضح تسلسل البيانات والنتائج المتوقعة حسب سيناريو مرتب للأحداث وخطوات سير العمل، مما يمنح وضوحًا للأفكار وتسلسلها والمتوقع منها.
وكذلك توجد أدوات رائعة أخرى مثل أداة «الستة قبعات» أو ما يعرف بـ Six Hats، وهي أداة مفيدة للتطبيق من قبل مجموعة من الأفراد للتخطيط الفعال والتفكير التفصيلي المنطقي، وإيضًا أداة Snowball. وجميعها أدوات تساعد بشكل كبير على تنظيم وترتيب الأفكار الذهنية، وعلى اتخاذ القرارات الصائبة.
كما أنه من السهولة تعلم جميع تلك الأدوات والتقنيات وتطبيقها واستخدامها للوصول إلى الحلول الإبداعية والابتكارية.
ومن الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية حلت في المرتبة 66 عالمياً في مؤشر «الابتكار العالمي» من بين 131 دولة للعام 2020م، متقدمة مرتبتين عن ترتيبها في العام الماضي. وقد تحقق ذلك التقدم من خلال نجاح المملكة في تمويل الابتكار وتطوير آليات التمويل القائمة، وقد تم القياس الدولي عن طريق مؤشر مدخلات الابتكار والذي يقوم على مسارات عدة تشمل: البحوث، والمؤسسات، ورأس المال البشري، والبنية التحتية، وتطور الأعمال والأسواق. وكذلك تم القياس الدولي عن طريق مؤشر مخرجات الابتكار وفروعه، وهي المخرجات المعرفية والتكنولوجية، والمخرجات الإبداعية. كما وأنه تم إنشاء موقع بوابة «ابتكارات سعودية» الإلكترونية والذي يشيد بالمبدعين والمبتكرين والمخترعين السعوديين والسعوديات من أبناء الوطن، ومن أحدث تلك الابتكارات هو انطلاق القمر الصناعي السعودي التعليمي KSU_CubeSat بصناعة سعودية 100 % في شهر مارس الحالي 2021م.
وأخيرًا وليس آخرًا، الإبداع والابتكار هما ركائز لازدهار الوطن وسُبل ناجحة لتخطيط وتحقيق الحلول المستدامة المستقبلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للوطن. ولذلك فإن تعزيز الثقة والقدرات والإبداع لدى الأجيال القادمة هو استثمار ذكي وناجح للمملكة العربية السعودية تماشيًا مع رؤية 2030. وارتباط الابتكار مع شعار «صُنع في السعودية» هو بمنزلة الوصول بالنجاح إلى عنان السماء.