سعد المصبح
محمد الوعيل إنسان مختلف في أخلاقياته وتعاملاته وأدبياته وإنسانيته، صفات اجتمعت وتجلت بهذا الرجل الطيب الأنيق الأديب المبتسم المبدع المتمكن، القريبون يعرفون أن الابتسامة لم تفارق محياه وسط معمعة العمل الصحفي، كان قريباً من القهوجي والمراسل وزملاء الحرف بصحيفة الجزيرة، كان المحفز الأول للمحررين ورؤساء ومديري التحرير وكافة العاملين بالجريدة، يمتطي صهوة القلم الأحمر يعدل ويصيغ ويمارس الدور الرقابي المتقن على الحروف والأخبار والمقالات والتحقيقات الصحفية، يتواجد ظهراً ويخرج متأخراً من الليل، كانت الصحيفة آنذاك تعج بالرواد المهرة من القياديين والمحررين والفنيين، وكانت الصحيفة كخلية نحل لا تهدأ، حراك مقنن وعمل متقن رغم قلة موارد التقنية واختراعات الإعلام الجديد، كل مسؤول متخصص بصفحاته يحمل أجندته وصفحاته ويدخل بها إلى مكتب نائب رئيس التحرير لإجازتها، كان العدد اليومي يصل أحياناً إلى 40 صفحة مليئة بالأخبار والتحقيقات والتقارير والانفرادات الصحفية والإعلانات الكثيرة التي زاحمت (التبويب).
كانت رؤيته اليومية البحث عن الجديد بالمحتوى والمضمون، يتمعن التبويب ويرسم خطوط الإبداع قبل بداية صف المواد والإخراج، وقبل زفها إلى المطابع، كان يحمل «هم» الصحيفة وهم من يعمل بها وهي جزء من وجدانه وفكره ارتسمت الحروف وترسخت في وجدانه، إنه العشق الذي لازم فكره وقلمه وبات أكثر وفاءً وتقديراً واحتراماً لهذه المهنة المتعبة واكثر احتراماً ووفاء لزملاء المهنة، جل وقته منهمك يقرأ ويتابع ويعدل ويخطط صور الابداع والنجاح ملأ صفحات جريدة الجزيرة بصيغ من ذهب وبضيف الجزيرة الأسبوعي، كانت تزهو بلقاءات الأمراء والأدباء والوزراء وأهل العلم والثقافة والرجاحة بالفكر والأدب وعلوم التكنولوجيا والطيران، هذا الرجل الوفي البشوش رحمه الله، لا أفيه حقه بحروف ولا أوجز أخلاقياته وتعاملاته وسط هذه الظروف. إنه استاذ الصحافة المتحركة صنع لنفسه مجداً بين الرياض بالمسائية والجزيرة، وبالسجل الشرقي نقل معه الإبداع وثق المعرفة بصحيفة اليوم، طورها ونقلها بفكره الإيجابي إلى صحيفة تتعامل بالتقنيات حتى باتت من بين الصحف الراقية المنافسة وبشغف ينتظرها ويتلقفها قراء المنطقة الشرقية، مهنة المتاعب كانت تنصف إبداعاته وترسم دواوينه.
وبرحيله تبقى ذكراه في تلك المدونات ومحبة الجميع له، وبرحيله تبقى ذكراه في أبنائه نايف ومشعل خلقاً وعلماً، سيحملان هموم والدهما وعشقه للكتابة والتدوين وصون ماضي وتاريخ والدهم الصحافي، ونشره عبر المنصات الاعلامية والمكتبات المحلية والخارجية. فهو علم من أعلام الصحافة السعودية والعربية.
رحمك الله «يا أبونايف» رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وأمواتنا وأموات المسلمين.