إيمان الدبيّان
وادٍ تُحيط به الجبال، فيه كانت أمنية آدم، وفداء إسماعيل- عليهما السلام - وبيعة العقبة الأولى، والثانية لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم- أفضل الخلق، وسيّد الأنام، هذا الوادي في مكة شرقاً بين مكة وجبل عرفة، يبعد عن المسجد الحرام ستة كيلو مترات تقريباً، تُراق فيه دِماء الهَدِي والأضاحي شرعاً، ويجتمع فيه الناس لأداء بعض نسك الحج زمناً، ومكاناً؛ لذا يسمى مِنَى، ويحدها شمالاً جبل قُويس، وجنوباً جبل ثُبير، ومن الشمال الغربي جمرة العقبة، وعند جنوبها الشرقي وادي مُحَسِّر، وينتهي بها أطول طريق مشاة في العالم، من جبل الرحمة إلى الجمرات الثلاث.
هذا هو مشْعِر مِنَى الذي يضم أكثر من مليوني حاج سنوياً في وقت واحد، وتبلغ مساحته 7.82 كم2، والمستغلة فعلاً 4.8 كم2 فقط، و39 % عبارة عن جبال وعرة ترتفع قممها حوالي 500م فوق مستوى سطح الوادي.
كل هذه المعلومات البسيطة استللتها من مسودة أوراقي في بحثي لرسالة الماجستير في إدارة أعمال الحج والعمرة، عندما كان بِذرة موضوعي عن توسعة مَشْعِر مِنَى، ولم يُرحبْ به من مُشرفِي على الرسالة حسب رأيه؛ بسبب عمق الموضوع، وتشعبه، وصعوبة العمل عليه في ظل الأوضاع الصحية الراهنة، واستبدلت الفكرة بأخرى، والبذرة بنواة حبلى، ستطرح ثمرها قريباً، وحصادها- بإذن الله- ثمين؛ ولكنِّي تذكرتُ مَشْعِر مِنَى، وراودني الحنين إلى موضوعي عن توسعته، وأنا أقرأ وأسمع قبل أيام عن مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- المحفزة، والداعمة لوزارة الحج والعمرة، فعاودت لها اليوم هنا طارحة، وعارضة موضوع توسعة مَشْعِر مِنَى، الذي تعتبر المناسك فيه واجباً، وليست ركناً كركني المناسك في المطاف، والمسعى، ومع ذلك تمّت توسعة المطاف مراتٍ ومرات، والمسعى كذلك على مَرِّ العصور والسنوات، فما المانع من توسعة مَشْعِر مِنَى بزيادة مساحته من أطراف أحياء مكة المحيطة به، بعد استكمال التراخيص الشرعية والنظامية؟!.
بحوث وفيرة، ودراسات كثيرة، كلها ترى حل مشكلة مساحة منى بتشييد مبان متعددة الطوابق، والأدوار؛ ولكنِّي أرى أنها ليست كافية ولحل صغر المساحة ليست شافية؛ لذا أتمنى من الهيئة الملكية لمكة التي طرقت أبوابها مرارًا، وشركة كدانة التي نعول عليها كثيرًا، ووزارة الحج التي غالباً لا ترى ما نوجهه لها في حسابها الرسمي فليس هناك مجيب، أتمنى منهم أن تؤخذ هذه الفكرة بعين الاعتبار، وتدرس من جميع الزوايا باقتدار، أوثقها هنا باسمي للبحث والعمل يداً بيد لنجعلها توسعة مُبهرة للعالم بكل اعتزاز وافتخار، مستبدلين في عصر الرؤية السعودية كل المخيمات بمبان نموذجية عصرية، صحية، آمنة يشار لها بالبنان، وتشهد على براعة المواطن السعودي في صناعة خدمة الحجاج على مر الأزمان.