مما لا شك فيه أن التفاهم الإنساني هو جوهر الاتصال بين الأفراد في كل المجتمعات، في جميع مراحلها، وإقامة العلاقات بين الأفراد في الجماعة، وبين الجماعات وبعضهم البعض، تعتبر ظاهرة إنسانية، وأحد أوجه النشاط الإنساني منذ بدأ التواصل بين البشر، فعندما تطورت المجتمعات وتميزت في التعقيد في العلاقات بين الجماعات، والمؤسسات التي أفرزتها هذه المجتمعات (مؤسسات سياسية واقتصادية وصناعية واجتماعية.. إلخ) ظهرت الحاجة إلى تنظيم هذه العلاقات، لتحقيق التفاهم المشترك بين هذه المؤسسات من جانب والجماعات التي تتعامل معها، والتي تشّكل عنصراً مهماً في تحقيق أهدافها.
من خلال هذا التعريف للعلاقات، نجد أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية ظهرت في العصر الحديث، ساعدت على الاهتمام بتطبيق مفهوم العلاقات العامة، والتي ستقوم بدور في تحقيق الاتصال مع هذه الجماعات عبر المناطق والمساحات الجغرافية المتباعدة، هذه العوامل هي:
1- تلاقي المصالح بين الجماعات المختلفة (المؤسسات والمنظمات).
2- ظهور العلوم الاجتماعية والسلوكية التي تنظم الاتصال بين هذه المجتمعات وأفرادها.
3- انتشار وسائل التواصل الإعلامي والاجتماعي التي تنقل وجهات النظر والأخبار، والتي تساعد على تحقيق التقارب بين الأفراد والجماعات.
هذه العوامل ساعدت بصورة مباشرة وغير مباشرة على الاهتمام بالعلاقات العامة كنشاط إنساني، ومحاولة تأطيرها ضمن أسس علمية لتطبيقها في الواقع العملي بين أفراد المجتمع وبين المنظمات والمؤسسات.
لذلك تعدّدت التعريفات الخاصة بالعلاقات العامة التي وضعها عشرات الخبراء الذي تفرغوا لهذا المجال ودراسته، فهناك التعريف الذي قدمه المعهد البريطاني للعلاقات العامة بأنها «الجهود المقصودة والمخططة والمستمرة لإقامة واستمرار الفهم المتبادل بين أي منظمة وجماهيرها»، وكذلك التعريف الذي توصلت إليه جمعية العلاقات العامة الدولية، وهو «العلاقات العامة هي وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة، والتي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة، لكسب تفاهم وتعاطف وتأييد الجماهير التي تعمّها».
من خلال التعريفات السابقة للدلالة على مفهوم العلاقات العامة، يمكننا تحديد الخصائص الرئيسية للعلاقات العامة، وهي تنطبق على الأنواع كافة من العلاقات، سواء (سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية) كالآتي:
1 - العلاقات العامة عملية اتصال تتطلب مرسلاً ومستقبلاً، أي بين أطراف مختلفة.
2 - العلاقات العامة تتم بين جماعات مختلفة في تكوينها وأفكارها ومعتقداتها، وبالتالي تستهدف تحقيق التكيّف بين هذه الجماعات.
3 - الطاقات البشرية ذات المواصفات والخصائص الناجحة تعتبر عنصراً مهماً في نجاح العلاقات العامة.
4 - العلاقات العامة تعتمد على الجهود المخططة، وليست مجرد نشاط عشوائي كما يقوم به البعض، بل من أجل تحقيق علاقات ناجحة تحتاج إلى خطط وبرامج مدروسة من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة.
5 - إن نشاط العلاقات العامة لا يتوقف على الجهات الرسمية، لكن يمتد إلى الجماهير والجماعات الإنسانية ذات المصالح المشتركة التي يجمعها العيش المشترك.
6 - الإرادة المشتركة لتحقيق النجاح في العلاقات العامة بين الأطراف المختلفة في المجتمع التي تؤدي إلى التفاهم والتعاون، تعتبر عاملاً مهماً في تحقيق علاقات ناجحة.
إن أهمية العلاقات الاجتماعية والقيام بممارستها والانفتاح وعدم الانغلاق على الآخر، يعتبر أمراً مطلوباً من أبناء المجتمع القيام به، وعدم وضع الحواجز بمختلف أنواعها كعائق في إقامة العلاقات، ومع الالتزام بالخصائص المذكورة سنحقق علاقات اجتماعية ناجحة.