عطية محمد عطية عقيلان
انتقل الحديث هذه الأيام إلى التنظير والتحليل على نوع اللقاحات الموجودة في المستشفيات والمراكز الصحية، وظهر كالمعتاد مجموعة من المنظرين وأصحاب الرأي ونظريات المؤامرة، بهدوء أعصابهم ومصادرهم الخاصة العلمية والسياسية والطبية ونظرتهم الثاقبة وبسعة اطلاعهم التي منحتهم القدرة على إبداء وطرح وجهة نظرهم في اللقاحات وبنشر معلومات مضللة وإشاعات وفرضيات استقاها من النت والأقوال الشاذة والشعبوية في القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، المشكلة أو الطامة الكبرى أن تداول هذه المعلومات المغلوطة ينتشر في مجمعاتنا كالنار في الهشيم بسرعة، خاصة مع لمستهم (التتش حقهم) من التبهير وإضافة المؤثرات والقصص بحبكة درامية مقنعة خاصة لهواة الدراما المسلسلات، ولا مانع لديهم من القليل أو الكثير من التأليف عليها بغرض التأثير ومنح المصداقية على طرحه ورأيه في مشهد سريالي تحتاج معها أن تفعل إعادة تشغيل لعقلك وحواسك من هذه الآراء والطروحات الصادرة منهم مهما كان تعليمهم أو تحصيلهم، فالجرأة في التعميم والاتهام والتنظير دون رادع علمي أو أخلاقي مع التشكيك بالحقائق العلمية والتخويف من هذا اللقاح أو ذاك والتسبب في إحجامهم وعدم أخذهم للقاح والتسبب في أذى صحي ونفسي بناءً على فهمك المغلوط دون تقدير لجهود الجهات الطبية والحكومية للتصدي من هذا الفايروس الخطير. فرغم معاناتنا طيلة حياتنا لما نتعرض له من اتهامات باطلة وتفسيرات مخطئة لتصرفاتنا وأفعالنا وتحويلها أحياناً من الخير إلى الشر أو تفسيرها بشكل مسيء ومنطق بلا منطق، وعند ممارستنا لنفس الشيء مع الآخرين نتقبل ذلك بضمير مرتاح معللين ذلك بأننا بشر ولا بد أن نخطئ ونصيب، فإن أصبنا فلنا أجران وإن اخطأنا فلنا أجر وهذا لا يصح في صحة وسمعة الناس وما تم من افتراء أو ظلم أو سوء نية لهم. لذا نحتاج جميعنا أن نحكم عقولنا وضمائرنا ولا نؤجرها للآخرين لا سيما أن المعلومات متاحة بشكل واضح وجلي من الجهات الرسمية أو العلمية أو أصحاب الرأي الراجح قولهم والمقبول علمهم، بعيداً عن مدمني الأفلام الهوليودية والبليودية وحبك القصص وانتقاء الشاذ منها ونشر الأقوال الشعبوية من باب فكرة «أنا موجود» ولا بد أن يكون لي رأي أو وجهة نظر حتى ولو كانت فوق علمي ومعرفتي وقدرتي الاستيعابية والحسية، ولنتذكر جميعنا أن الأحداث التي نشهد حصولها تصلنا بعد فترة وعبر مختلف المنصات وقد بهرت وحورت وتم الضافة عليها حتى تغير شكلها ولم يبق من أصل القصة إلا قدر يسير من الحقيقة.
الخلاصة لنحمد الله على توفر اللقاح أياً كان نوعه فهي نعمة تستحق الشكر ولا نلقي بأنفسنا ومن نحب إلى التهلكة بإتباع فلان وعلان والذين أغلبهم لم يتجاوزوا منصات التواصل الاجتماعي ومتابعة المواقع في الغالب غير موثوقة وأخذ رأي من هنا وهناك وتكوين رأي والمناداة به مع عشعشة تفكيره بالبحث عن المختلف والغريب من باب التفرد المؤذي والمضر، وفي النهاية جل المهمين والمؤثرين وأصحاب العلم والأطباء أخذوا اللقاح المتوافر إيماناً أنهم يخدمون صحتهم ومجتمعهم وأسرهم وهي فرصة يتمناها الكثير حول العالم فنضم لهم في أقرب فرصة وتأكد أنك لست محط أنظار واهتمام العالم لاختراقك أو أذيتك وكما يقال «محد درى عنك» لكن أحمي نفسك وأسرتك ومجتمعك بأخذ اللقاح.