إبراهيم بن سعد الماجد
نحن في المملكة العربية السعودية، عندما نتكلم عن حماية الوطن، فإننا نتكلم عن حماية مقدسات المسلمين.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلد الذي يحبه وهو واثق بأنه سيعود منتصرًا، لأن وعد الله حق، والله سبحانه لا يخلف الميعاد، ألم يقل سبحانه وتعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}،
فالله سبحانه جعل حماية بيته الحرام بمن آمن به، وطبّق شرعه، ولذا ما كان لأي قبيلة أو نظام شركي يد على بيته الحرام، وكل من كان له سلطة، فقد كانت عابرة، غير مستقرة.
ومن تعظيم مكة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قام يخاطبها: «إِنَّكِ لأَحَبُّ بِلادِ اللَّهِ إِلَيَّ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»، وقد جاء من حديث عياش بن أبي ربيعة عند أحمد وابن ماجه وابن أبي شيبة وغيرهم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا مكة، فإن ضيَّعوها أهلكهم الله»، الحديث حسَّنه الحافظ بن حجر في الفتح.
وشرف خدمة الحرمين، شرف لا يضاهيه أي شرف، وخدمة ضيوفه أعظم خدمة، ولذا كان ملوك هذه البلاد يتشرَّفون بهذا اللقب (خادم الحرمين الشريفين) وشعب هذه البلاد يفرح بضيوف الرحمن، ويتشرَّف بأن يكون لهم خادماً.
وقد توعَّد الله من تسوِّل له نفسه أن يفعل سوءاً في مكة المكرمة وما حولها، بأشد الوعيد فقال سبحانه وتعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج:25) هذا الوعيد منه جلَّ في علاه ليس في الآخرة فحسب، بل كذلك في الدنيا، وما حصل مع الظلمة والزنادقة الذين سطَّر التاريخ مواقفهم المخزية تجاه هذه البقعة المقدسة، يؤكِّد أن وعد الله حق، وسبحان من لا يخلف وعده، ولا يتخلَّف وعيده.
(ومن الحمايات الإلهية العجيبة العظيمة ما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة أم المؤمنين أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: «يغزو جيش الكعبة، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم»، هكذا يبيِّن لنا رسولنا عظيم عناية الله، عظيم حماية الله وحراسة الله ودفاع الله عن بيته وعن الأماكن المقدسة التي جعلها لأداء العبادات له والقربات إليه - سبحانه وتعالى).
والذين يقرأون التاريخ.. ويفقهونه، يدركون أن عناية المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين تكاد تكون متفرِّدة، فلم تقتصر عناية قادة هذه البلاد على العناية الحسية، بل كانت حسية ومعنوية، فشيَّدت المباني، ومهَّدت الطرق، وأمن السبيل، فصار الحاج والمعتمر والزائر يعيش في أجواء إيمانية عظيمة، أمن وارف، ورزق رغيد، وخدمة فريدة.
وللذين لا يعلمون، أو يتجاهلون ويتعامون، نقول لهم إن أقوى قوة أمنية تُعنى بالحشود، هي قوة أمن الحج، ومن فضل الله علينا أن القائمين على أمن الحجيج من أبناء هذا الوطن، يؤدون هذه الخدمة بدافع إيماني صادق، طلباً للأجر من الله سبحانه وتعالى، ولم ولن يثنينا عن شرف هذه الخدمة أي عائق مهما كان، ونفدي مقدساته بأرواحنا وأبنائنا وأموالنا، كما يردد ذلك دوماً خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده - حفظهما الله -.
أقول: حماية الحرمين الشريفين، شرف سعودي.. قادة وشعباً.