إعداد - صبار عابر العنزي:
منحه الله قبولاً لدى شعبه؛ وكأنه يعرفهم واحداً واحداً؛ ويعرفونه تماماً، ومع هذا القبول الذي يتمتع به تجد له سمات شخصية تدعوك للدهشة، فمع أنه يتمتع بالحزم والقوة تجد في قلبه اللين والرحمة... عرف عنه على مدى تاريخه تطبيق الأحكام سواء في الحالات العامة أو الخاصة تحقيقاً للاستقرار والأمن الاجتماعي وتعزيزاً لروح التكافل الاجتماعي المبنية على حسن الظن والاعتماد على تنفيذ التشريع ارتباطاً بالأفعال لا بالنوايا التي ليس لأحد من الخلق حق التكهن بها أو التأويل... والذين سعدوا بالعمل إلى جانبه يشهدون بحنكته وقوة بصيرته في عدم مطالبتهم بما يفوق حد قدراتهم العقلية أو المالية والجسدية وفي هذا رؤية حكيمة بعدم إجبار أو إكراه الطرف الآخر على فعل ما لا يستطيع..
* ويتضح جلياً موقفة رعاه الله من العادات والتقاليد واحترامه لها وتأكيده عليها لأن البعض منها يقوي روح الألفة والرحمة والمودة، ومقامه الكريم يعزز في كثير من خطاباته أهمية العلماء والقضاة والمفكرين والمثقفين وأهل الرأي والحكمة والأدباء وذوي الاختصاص بل إن الفرد السعودي يحظى بمكانة عالية وغالية لا تماثلها مكانة ولا تجاريها مرتبة، فالمواطن والمواطنة هم سواعد الإعمار والبناء والتطور وبتكاتف رؤاهم وجهودهم يزدهر الوطن ويستقر...
* وعل الرغم من أنه سياسي محنك ومثقف مطلع منفتح على التطور التكنولوجي في العالم لم يتخل عن أصالته وشخصيته العربية؛ يجيد قراءة المواقف ويدرك عواقب الأمور تماماً كالربان الماهر الذي ينجو بسفينته في وسط بحر هادر...
* يحب الوضوح والصراحة ومحب لتراب وطنه.. وطن الآباء والأجداد بشكل لا مثيل له إنه الملك الإنسان سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ملك المملكة العربية السعودية السابع، ورئيس مجلس الوزراء والقائد الأعلى لكافة القوات العسكرية، الحاكم العشرون من أسرة آل سعود والابن الخامس والعشرون من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري...
* تمت مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، ملكًا للمملكة العربية السعودية، في 3 ربيع الآخر 1436هـ الموافق 23 يناير 2015م...
* وكان الملك سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله- قد قضى أكثر من عامين ونصف العام وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء؛ إثر تعيينه في 18 يونيو 2012م بأمر ملكي كما بقي حينها في منصبه وزيرًا للدفاع، وهو المنصب الذي عُيّن عليه في 5 نوفمبر 2011م، قبل ذلك كان الملك سلمان أميرًا لمنطقة الرياض لأكثر من خمسين عامًا...
* رافقت مسيرته العملية والعلمية أحداث جسام ولم تخلُ في هذه الفترة من التحديات الصعبة التي ترافق مسيرة التنمية، لكنه أثبت قدرة عالية على المبادرة، وتحقيق الإنجازات، وباتت العاصمة السعودية اليوم إحدى أغنى المدن في المنطقة، ومركزًا إقليميًا للسفر والتجارة والعمل...
* والمتبصر بالخطاب السياسي للملك سلمان سواء الموجه محلياً أو إقليمياً وعربياً يكتشف أنه شخصية فكرية متميزة، وصاحب رسالة إنسانية، وهو الذي يؤكد أن من يعتقد أن الكتاب والسنة عائق للتطور أو التقدم فهو مخطي لأنه لم يقرأ القرآن ولم يفهمه...
* فالملك سلمان حفظه الله يرتكز على أرضية عقدية صحيحة فجميع الحقوق التي تسعى البشرية لها من إسعاد البشر ومن رفع مستوى المعيشة ومن التراحم بين الناس ومن الشورى ومن حفظ حقوق الإنسان من كل المقاييس والمعايير في هذا الزمان هي محفوظة في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام...
* وهو الذي يحرص دائما على توجيه الوزراء والمسؤولين لتسهيل الإجراءات وتوفير مزيد من الخدمات بجودة عالية للمواطنين والمواطنات والتوسع في عدد من البرامج التي تمس حاجات المواطنين الرئيسة ومن أهمها برنامج الإسكان...
* وحملته القوية على آفة الفساد بكل أنواعه وأشكاله الذي يشكل وباءً خطيرًا ينهش في جسد الدول ويقوض المجتمعات ويحول دون نهضتها وتنميتها كانت إحدى إنجازاته الكبيرة...
* وللمملكة دور مؤثر في المنظمات الإقليمية والدولية، وتحظى بتقدير إقليمي وعالمي مكنها من عقد قمم تاريخية في توقيتها ومقرراتها، شارك فيها عدد كبير من قادة الدول الشقيقة والصديقة، وأسست لعمل مشترك يستهدف تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم...
* فيما بقيت علاقة خادم الحرمين الشريفين وطيدة جدا بالصحافة والإعلام والإعلاميين، مبنية على الصدق والمحبة المتبادلة بينهما، وهي علاقة تأسست على مبدأ الاحترام المتبادل والثقة.. وهو باختصار صديق الإعلام والإعلاميين والحريص على تعزيز هذه العلاقة...
* وُلد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في الخامس من شهر شوال سنة 1354هـ الموافق 31 ديسمبر 1935م وكانت نشأته مع إخوانه في القصر الملكي بالرياض، حيث كان يرافق والده في اللقاءات الرسمية مع ملوك وحكام العالم...
* تلقى حفظه الله تعليمه المبكر في مدرسة الأمراء، ودرس فيها العلوم الدينية والعلوم الحديثة، وختم القرآن الكريم كاملاً، وهو في سن العاشرة على يد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالله خياط - رحمه الله - وله مقطع صوتي وهو يقرأ إحدى سور القرآن الكريم انتشر وأثر في أعداد كبيرة من المتابعين العرب لجمال التلاوة والخشوع الذي جعل المقطع يدخل قلوب كل العرب...
* وقد شهدت الرياض خلال توليه الإمارة إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل الطرق السريعة والحديثة، والمدارس، والمستشفيات، والجامعات، إلى جانب المتاحف وتأسيس الأندية الرياضية والمدن الترفيه، وغيرها...
* يُعرف الملك سلمان بأعماله وجهوده الخيرية الواسعة، حيث أسس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ويتولى رئاسة مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، والرئاسة الفخرية لجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية، لرعاية مرضى الفشل الكلوي، والرئاسة الفخرية للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، وغيرها العديد من الجهات...
* وتمضي المملكة في طريقها لتحقيق المزيد من الإنجازات من خلال رؤية 2030، التي تم إطلاقها في عهده، مستهدفة تعزيز النمو الاقتصادي واستدامته في المجالات كافة، وإرساء أسس جديدة لتنويع مصادر الدخل...
هذا وقد تعاملت المملكة مع جائحة «كورونا» باحترافية عالية على جميع الأصعدة وشعارها «الإنسان أولاً» وفقاً لتوجيهات الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين فقد كان الإنسان نصب الاهتمام والرعاية بداية من الخدمات الصحية الراقية ودعم هذا القطاع الحيوي والمهم بكل ما يحتاج إليه ليقوم بتأدية دوره على أكمل وجه للمواطنين والمقيمين، إضافة إلى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومستوى المعيشة وإدارة الأزمة والتخطيط لها بكل احترافية....
* مما عكس حرص حكومة المملكة على تطبيق المعايير الدولية المعتمدة، ودعم جهود الدول والمنظمات الدولية وبالأخص منظمة الصحة العالمية لوقف انتشار الفيروس ومحاصرته والقضاء عليه -بإذن الله-...
والمملكة بهذا الفعل قدمت نموذجاً رائعاً وعملاً استثنائياً في التصدي للأزمة حيث تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى شعبه بكل شفافية، موضحاً حقيقة الأمر، وفي الوقت نفسه أدخل الطمأنينة في النفوس، حيث أكد الحرص الشديد على صحة المواطن والمقيم...
* فقال رعاه الله «أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية»...
* ويعد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أن جائحة كورونا «لم تكن عائقا» أمام استمرارية أعمال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، حيث تم انعقاد قمتها على مستوى القادة بل إنها حفزت الطاقات الدولية للعمل والسعي نحو حلول لهذه الأزمة والتعامل مع واقعنا الجديد بشجاعة وإبداع، أملا بعالم أفضل فيه الاستقرار والأمن الصحي والغذائي»...
* فقد تسلمت المملكة رئاسة مجموعة العشرين لعام 2020، كما دشن الملك سلمان «بوابة الدرعية» في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، التي يتضمن مشروعات بقيمة 64 مليار ريال تحول الدرعية التاريخية إلى وجهة سياحية عالمية تركّز على الثقافة والتراث...
* أيضاً تم، طرح جزء من أسهم (أرامكو) أضخم شركات تصدير الزيت الخام في العالم، في أكبر اكتتاب تاريخي تشهده الأسواق المالية العالمية، الأمر الذي سيحدث نقلة نوعية في تعزيز حجم السوق المالية السعودية، لتكون في مصاف الأسواق العالمية، ويعد هذا الإدراج الركيزة الأساسية لرؤية 2030 لإحداث تغيير شامل في الاقتصاد السعودي بتنويع منابعه بعيداً عن النفط...
* على صعيد السياسة الخارجية، تكللت المساعي السعودية بالنجاح بتوقيع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي يوم 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، على اتفاق الرياض التاريخي، وواصلت السعودية التصدي لدور إيران التخريبي، وفي هذا الصدد استضافت المملكة قمم مكة (قمتين خليجية وعربية طارئتين ثم قمة إسلامية عادية نهاية مايو/ أيار)، وتضمنت البيانات في بنودها خارطة طريق للتعامل مع جرائم إيران وأذرعها وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة...
* وقادت المملكة في عهده الميمون، مبادرات كبرى لحماية الأمن القومي العربي، ودرء التدخلات الخارجية، فجاء تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة المملكة، لتكون أبرز تحول سياسي في توازنات المنطقة منذ عقود، حيث قامت المملكة بمنع تحويل اليمن إلى قاعدة للإرهاب والميليشيات الخارجة عن القانون، وصدت بحزم كل الهجمات التي طالتها، واستطاعت حماية أمن الطاقة العالمي وحرية الملاحة البحرية...
* كما حققت إنجازات بارزة في حربها ضد الإرهاب داخلياً وخارجياً، توجت بنجاح القوات السعودية الخاصة بإلقاء القبض على قائد تنظيم «داعش» في اليمن 3 يونيو/ حزيران 2019، في عملية نوعية، إضافة إلى إحباط العديد من العمليات الإرهابية داخل المملكة واعتقال مدبريها...
* وتم تمكين المرأة من كافة حقوقها، منها إجراء أول انتخابات بلدية تشارك فيها المرأة كناخبة ومرشحة في العام الأول من حكمه، والسماح للمرأة بقيادة السيارة لأول مرة في تاريخ المملكة في العام الرابع، وحصول المرأة السعودية على حزمة مكاسب، بموجب تعديلات على أنظمة وثائق السفر والأحوال المدنية والعمل جرت في 2 أغسطس/ آب 2019، منحت المرأة المزيد من الحقوق، واتيح لها استخراج جوازات سفر ومغادرة البلاد دون شرط موافقة ولي الأمر...
* الملك سلمان ذاكرة أمة ووطن وتاريخ مبني على مخزون معرفي وثقافي يمتلك ذاكرة قوية وعنده حفظ للأحداث والمواقف والأشخاص وهذا لم يأت من فراغ بل من متابعة دائمة لكل المواقف واطلاع عميق وعلاقات ودية مع الجميع، نتيجة تنظيم وقته واهتمامه بكل واردة وشاردة، لديه مقدرة عجيبة للتعامل مع الناس على تباين مستوياتهم وثقافاتهم، وكنت ضمن المواطنين وكوكبة من المفكرين والمثقفين والأدباء وعلية القوم الذين يحرصون على حضور مجالسه الأسبوعية ومن الذين أذهله قوة ذاكرة خادم الحرمين الشريفين، ومعرفته الدقيقة بكل الأحداث والمواقف والأشخاص على مستوى عالمي وعربي ومحلي...
* هناك صفات عرف بها الملك سلمان منها الحزم وهي مهارة ترتبط بمهارات ومعناه أن تكون قادراً على الدفاع عن حقوقك الخاصة أو حقوق الآخرين بطريقة هادئة وإيجابية، والأشخاص الحازمون هم القادرون على توصيل وجهة نظرهم دون إزعاج الآخرين، أو أن يصبحوا منزعجين أنفسهم...
* وكذلك يمتاز بالفراسة وهي علم من العلوم الطبيعية تُعرف به أخلاق الناس الباطنة من النظر إلى أحوالهم الظاهرة كالألوان والأشكال، أو هي الاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن...
* ومن صفاته حفظه الله من واقع ما يتحدث القريبون منه أنه فطن وكيس وله حضور ذهني متقد وهي من بين الصفات التي ورثها من والده المؤسس الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه) وهي صفات لا تجتمع إلا بالقائد الفذ...
* ختاماً... حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وأدام عزه.. واعتذر من القارئ الكريم لهذه الزاوية لعدم إحاطتي في هذا البوح الوجداني على كل منجزات وأعمال قائد هذه الأمة، اعتمدت في إعداد هذا المقال على الاطلاع والاقتباس من مصادر كثيرة إلا أن آلاف المجلدات لا تحصي ما قدمه خادم الحرمين الشريفين لدينه وأمته ووطنه وشعبه..
** **
Sabbar2013@hotmail.com *