الجزيرة - وكالات:
تشير أدلة جديدة إلى أن الملاريا كانت تصيب البشر منذ آلاف السنين أكثر مما كان يعتقد العلماء سابقا. وينتقل الطفيل القاتل، الذي يبيد أكثر من مليون شخص كل عام، عن طريق البعوض، وتقول النظريات إن إدخال الري وأسلوب القطع والحرق في الزراعة التي خلقت بركاً راكدة، كانت أرضاً خصبة لتكاثر البعوض الحامل للملاريا، لكن الطفرات الجينية في عظام الصيادين الفيتناميين القدامى منذ آلاف السنين قبل تلك الثقافة التي تتبنى الزراعة يمكن أن تعيد عقارب الملاريا إلى الوراء.
وبينما بدأت الزراعة في الشرق الأوسط منذ نحو 12 ألف عام، ظلت أجزاء من جنوب شرق آسيا مجتمعات بدوية تحترف الصيد لآلاف السنين بعد ذلك.
وفي عام 2015، وجدت هالي باكلي، عالمة الآثار البيولوجية بجامعة أوتاجو في دنيدن، نيوزيلندا، طفرات جينية في عظام عمرها 7 آلاف عام في فيتنام، ما يشير إلى أن السكان المحليين كانوا يكافحون الملاريا قبل فترة طويلة من التكيف مع الزراعة.
ولا تترك الملاريا أي أثر في السجل الآثاري، لكن باكلي وفريقها لاحظوا أنه تحت المجهر، أظهرت التغيرات في عظام هؤلاء الصيادين القدامى المسامية غير الطبيعية المرتبطة بالثلاسيميا، وهو اضطراب دم وراثي مدمر يمكن أن يحدث في كثير من الأحيان، ويكون قاتلا.
ولكن في شكل أكثر اعتدالا، يمكن أن توفر الثلاسيميا في الواقع بعض الحماية من الملاريا ويُعتقد أنها أصبحت منتشرة في البشر كاستجابة تكيفية للمرض. ويشير هذا إلى أن السكان المحليين كانوا يكافحون الملاريا منذ 7 آلاف عام، قبل وقت طويل من سيطرة الزراعة على المنطقة.
ووجد الفريق أيضاً تغييرات في العظام المستخرجة في موقع زراعي عمره 4 آلاف عام في نفس المنطقة مثل موقع الصيد وجمع الثمار البالغ من العمر 7 آلاف عام. ويقول المؤلف الرئيسي ميلاندري فلوك، عالم الأنثروبولوجيا البيولوجية: «حتى الآن كنا نعتقد أن الملاريا أصبحت تهديدا عالميا للبشر عندما لجأنا إلى الزراعة، لكن بحثنا يظهر في جنوب شرق آسيا على الأقل أن هذا المرض كان يمثل تهديدا للمجموعات البشرية قبل ذلك بوقت طويل».