عبد الله الرفيدي - الجزيرة:
أوضح تقرير اقتصادي أن أسعار النفط على صعيد العرض، تلقت دعماً نتيجة لتعهد السعودية مواصلة التخفيضات الطوعية في إنتاجها النفطي، إذ تراجع إنتاج خام الأوبك بنحو مليون برميل يومياً خلال شهر فبراير 2021 .
وأشار التقرير الذي أصدرته كامكو إنفست حول أداء أسواق النفط العالمية إلى أن الأسعار واصلت ارتفاعاتها في بداية مارس 2021 ووصلت إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 14 شهراً، إذ تخطت لفترة وجيزة مستوى 70 دولاراً . وتعزى المكاسب التي شهدها النفط بصفة رئيسية على خلفية توقعات ارتفاع الطلب على المدى القريب في ظل توسع طرح برامج اللقاحات في كافة أنحاء العالم.
قوة الدولار الأمريكي وزيادة العرض تعرقل مسيرة صعود أسعار النفط
واصلت أسعار النفط ارتفاعاتها في بداية مارس 2021 ووصلت إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 14 شهراً، إذ تخطت لفترة وجيزة مستوى 70 دولاراً أمريكياً للبرميل في سوق العقود الفورية للمرة الأولى منذ يناير 2020.. من جهة أخرى، أدى الهجوم على منشآت نفطية سعودية خلال الأسبوع الماضي أيضاً إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، إلا أن الأسعار تراجعت بعد فترة وجيزة بعد تسليط المشككين الضوء على المبالغة في الشراء مما أدى إلى زيادة التقلبات. كما أثر صعود الدولار أيضاً في أسعار النفط حيث ارتفعت فاتورة الواردات نظراً لتفاعل العوامل الثلاثة المتمثلة في صعود أسعار النفط وقوة الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى زيادة الطلب على النفط.
اتجاه أسعار النفط منذ بداية العام
تعزى المكاسب التي شهدها النفط في بداية مارس 2021 بصفة رئيسية على خلفية توقعات ارتفاع الطلب على المدى القريب في ظل توسع طرح برامج اللقاحات في كافة أنحاء العالم، مما قد ينعكس على النمو الاقتصادي لهذا العام. وكان هذا الارتفاع مدعوماً أيضاً بقرار الأوبك الإبقاء على تخفيضات الإنتاج الحالية دون تغيير لشهر إضافي. كما انعكست أيضاً توقعات النمو الإيجابية للطلب على تزايد الطلب على المنتجات النهائية في الولايات المتحدة، بما في ذلك البنزين، مما أدى إلى استمرار تراجع المخزونات على الرغم من زيادة مخزونات النفط الخام خلال الأسبوع. كما أدى إقرار حزمة التحفيز المالية بقيمة 1.9 تريليون دولار أمريكي إلى زيادة التفاؤل إزاء الطلب على النفط. ومن المتوقع أيضاً أن ينمو الطلب على النقل البري بعد انتهاء شهر فبراير الذي شهد تزايد معدلات تساقط الثلوج مما أدى إلى قلة التنقلات.
على صعيد آخر، ظلت اتجاهات الطلب قوية في الصين، إذ عادت إلى مستويات ما قبل الجائحة في ظل زيادة الطلب على الديزل منذ بداية العام حتى فبراير 2021 بنسبة 10 في المائة مقارنة بالشهرين الأولين من العام 2019، كما ارتفع الطلب على وقود السيارات بنسبة 3.2 في المائة خلال نفس الفترة، وفقاً لوكالة بلومبرج.
من جهة أخرى، أثر الارتفاع القياسي لسعر الوقود المحلي في الهند على الطلب الذي انخفض بنسبة 4.9 في المائة على أساس شهري للشهر الثاني على التوالي في فبراير 2021 ليصل بذلك إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ سبتمبر 2020.
وعلى صعيد العرض، تلقت الأسعار دعماً نتيجة لتعهد السعودية مواصلة التخفيضات الطوعية في إنتاجها النفطي. إذ تراجع إنتاج خام الأوبك بنحو مليون برميل يومياً خلال شهر فبراير 2021 فيما يعزى بصفة رئيسية للانخفاض الشهري الحاد في إنتاج السعودية، هذا إلى جانب تراجع إنتاج أنجولا وغينيا الاستوائية، بينما أعلن معظم المنتجين الآخرين عن زيادة شهرية هامشية في الإنتاج.
في المقابل، من المقرر أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي، خاصة من قبل منتجي النفط الصخري، كردة فعل لارتفاع أسعار النفط. وكشف تقرير آفاق الطاقة على المدى القصير قيام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية برفع توقعات الإنتاج للعام الحالي والعام 2022. إذ تتوقع الوكالة أن يصل الإنتاج في العام 2021 إلى 11.15 مليون برميل يومياً مقارنة بتوقعاتها السابقة البالغة 11.02 مليون برميل يومياً، بينما من المتوقع أن يرتفع الإنتاج في العام 2022 إلى 12.02 مليون برميل يومياً مقارنة بتوقعات الشهر الماضي البالغة 11.53 مليون برميل يومياً.
كما رفعت الأوبك، في تقريرها الشهري، تقديرات الإنتاج من خارج الأوبك بمقدار 0.47 مليون برميل يومياً للعام 2021 على خلفية زيادة المعروض من كندا والولايات المتحدة والنرويج والبرازيل.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
استهلت أسواق النفط شهر مارس 2021 بأداء ضعيف في ظل التراجعات المستمرة للأسعار والتي بدأت منذ الأسبوع الأخير من فبراير 2021، بعد تسجيل أطول موجة مكاسب في الأشهر الأخيرة. إلا أن الموقف المفاجئ الذي اتخذته الأوبك وحلفاؤها للإبقاء على تخفيضات الإنتاج دون تغيير ساهم في تعزيز الأسعار. كما ساهم أيضاً الهجوم الذي تعرضت له منشآت النفط السعودية في زيادة دعم الأسعار، وذلك على الرغم من عدم تأثيره على الإمدادات، إلا أن التهديد الذي تعرض له أحد أكبر موانئ النفط تسبب في صدمة لأسواق النفط مما أدى إلى ارتفاع الأسعار لفترة وجيزة فوق مستوى 70 دولاراً أمريكياً للبرميل. وأعقب ذلك أنباء متضاربة عن ارتفاع مخزونات الخام في الولايات المتحدة وانخفاض حاد في مخزونات المنتجات النهائية. وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية للأسبوع الثالث على التوالي عن زيادة مخزون النفط للأسبوع المنتهي في 5 مارس 2021 بزيادة تراكمية وصلت إلى 36.6 مليون برميل.
ويعكس ارتفاع المخزون زيادة معدلات الإنتاج في الولايات المتحدة بمقدار 300 ألف برميل يومياً في الأسبوع الأخير من فبراير 2021 وبواقع 900 ألف برميل يومياً في الأسبوع المنتهي في 5 مارس 2021 ليصل إلى 10.9 مليون برميل يومياً. وأظهرت البيانات الصادرة عن بيكر هيوز استقرار عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة فوق مستوى 300 منصة بعد أن شهدت انخفاضاً على مدى أسبوعين فقط خلال الأسابيع الستة عشر الماضية.
وعلى الرغم من ذلك، ظلت الأسعار مرتفعة الأسبوع الماضي وسجلت نمواً بأكثر من 33 في المائة منذ بداية العام مما يعكس تأثير ضبط معدلات الإنتاج من قبل الأوبك وحلفائها وكذلك منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على جانب العرض، بالإضافة إلى التفاؤل تجاه نمو الطلب على المدى القريب على خلفية طرح برامج اللقاحات. كما انعكست أيضاً معنويات التفاؤل على توقعات أسعار النفط الصادرة عن وكالة معلومات الطاقة الأمريكية التي تتوقع الآن أن يصل متوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت إلى 60.67 دولار أمريكي للبرميل في العام 2021 مقابل توقعات الشهر الماضي البالغة 53.20 دولار أمريكي للبرميل.
وبالنسبة للعام المقبل، تتوقع الوكالة أن ينخفض متوسط سعر مزيج خام برنت هامشياً إلى 58.51 دولار أمريكي للبرميل، إلا انه يظل أعلى من توقعاتها السابقة البالغة 55.19 دولار أمريكي للبرميل. وفي ذات الوقت، شهدت أسعار النفط الخام مكاسب عبر مختلف الفئات في فبراير 2021. إذ ارتفع سعر سلة الأوبك المرجعية بنسبة 12.3 في المائة على أساس شهري في فبراير 2021 وبلغ في المتوسط 61.05 دولار أمريكي للبرميل خلال الشهر فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ يناير 2020. كما شهد سعر خام النفط الكويتي نموًا مماثلاً بنسبة 11.8 في المائة إلى 61.31 دولار أمريكي للبرميل، في حين شهد سعر مزيج خام برنت زيادة أكبر بنسبة 13.7 في المائة، ليصل في المتوسط إلى 62.23 دولار أمريكي للبرميل.
الطلب على النفط
رفعت الأوبك في تقريرها الشهري الأخير توقعات الطلب العالمي على النفط للعام 2020 بمقدار 0.03 مليون برميل يومياً. وبلغ متوسط توقعات الطلب في العام الماضي 90.4 مليون برميل يومياً بتراجع قدره 9.6 مليون برميل يومياً. وعكست تلك المراجعة بصفة رئيسية تحسن بيانات الطلب أكثر مما كان متوقعاً لدول أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال النصف الثاني من العام 2020، وذلك نظراً لأن انخفاض الطلب على قطاعات النقل والوقود الصناعي كان أقل من المتوقع، وقابله تراجع ببيانات اتجاهات النقل بوتيرة أقل مما كان متوقعاً في الدول الأمريكية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أما على صعيد الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تم تعديل توقعات الطلب ورفعها بمقدار 0.1 مليون برميل يومياً نظراً لزيادة الطلب بمعدلات أفضل من المتوقع في كافة أنحاء المنطقة وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. أما من حيث فئات المنتجات المختلفة، شهد الوقود الصناعي طلباً أعلى من المتوقع.
وبالنسبة للعام 2021، تم رفع توقعات الطلب على النفط بمقدار 0.22 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع الآن أن يصل في المتوسط إلى 96.27 مليون برميل يومياً بزيادة قدرها 5.89 مليون برميل يومياً مقارنة بالعام الماضي. وجاءت تلك المراجعة بعد خفض بيانات الطلب للنصف الأول من العام 2021 على خلفية فرض القيود الموسعة في أجزاء مختلفة من أوروبا بهدف السيطرة على تفشي فيروس كوفيد - 19. وقابل ذلك التراجع رفع توقعات الطلب للنصف الثاني من العام 2021 بفضل توقعات تحسن الانتعاش الاقتصادي على خلفية التأثير الإيجابي للقاحات.
عرض النفط
شهد الإنتاج العالمي من السوائل النفطية انخفاضاً حاداً في فبراير 2021 بعد تسجيله نموا ثابتا على مدار الأربعة أشهر السابقة. إذ شهد إجمالي الإنتاج انخفاضاً شهرياً قدره 1.31 مليون برميل يومياً ووصل في المتوسط إلى 92.28 مليون برميل يومياً. ويعكس هذا التراجع خفض الإنتاج من داخل وخارج الأوبك. وخفض منتجو الأوبك الإنتاج في فبراير 2021 بمقدار 0.65 مليون برميل يومياً وفقاً لمصادر الأوبك الثانوية فيما يعزى بصفة رئيسية للخفض الحاد لإنتاج السعودية.
من جهة أخرى، خفض المنتجون من خارج الأوبك أيضاً إنتاجهم خلال الشهر بمقدار 0.67 مليون برميل يومياً بمتوسط 67.43 مليون برميل يومياً نتيجة لتراجع الإنتاج الأمريكي بمقدار 0.6 مليون برميل يومياً نظراً للانخفاض الشديد في درجات الحرارة. وأدى الانخفاض الحاد في إنتاج الدول التابعة للأوبك إلى انخفاض حصتها السوقية بنسبة 0.3 في المائة إلى 26.9 في المائة.
كما تم تعديل تقديرات إنتاج السوائل النفطية من خارج الأوبك للعام 2020 ورفعها بمقدار 0.19 مليون برميل يومياً لتصل في المتوسط إلى 62.85 مليون برميل يومياً مما أدى إلى تراجع سنوي قدره 2.56 مليون برميل يومياً. وتعكس تلك المراجعة ارتفاع المعروض من النرويج والبرازيل مقابل خفض إمدادات روسيا والولايات المتحدة وكندا وكولومبيا وكازاخستان بصفة رئيسية. أما بالنسبة للعام 2021، تم رفع توقعات المعروض من خارج الأوبك أيضاً إلى 63.8 مليون برميل يومياً، أي بزيادة قدرها 0.47 مليون برميل يومياً مما يعكس نمواً سنوياً قدره 0.95 مليون برميل يومياً. وعكس هذا التعديل زيادة المعروض من كندا والولايات المتحدة والنرويج والبرازيل.
إنتاج الأوبك
شهد إنتاج الأوبك من النفط الخام انخفاضًا حادًا خلال فبراير - 2021 مدفوعًا بشكل أساسي بالتخفيضات الطوعية التي أجرتها المملكة العربية السعودية. هذا وبلغ معدل الإنتاج الشهري للمجموعة 24.87 مليون برميل يوميا، وهو أدنى مستوى مسجل خلال أربعة أشهر، مع انخفاض شهري وقدره 0.92 مليون برميل يوميا، وفقًا لبيانات بلومبرج. كما أظهرت مصادر أوبك الثانوية مستوى إنتاج مشابهًا وقدره 24.85 مليون برميل يوميا ولكن الانخفاض الشهري كان أقل بكثير عند 0.65 مليون برميل يوميا. وخلال الشهر، خفضت المملكة العربية السعودية إنتاجها بما يقرب من 1 مليون برميل يوميا ليصل إلى 8.15 مليون برميل يوميا، وهو أقل معدل إنتاج منذ يونيو 2020. كما خفضت أنجولا وغينيا الاستوائية الإنتاج بمقدار 50 ألف برميل يوميا و13 ألف برميل يوميا، على التوالي، بينما أظهر معظم المنتجين المتبقين إنتاجا أعلى خلال الشهر. في حين سجلت نيجيريا والعراق أكبر نمو للإنتاج خلال الشهر بواقع 161 ألف برميل يوميا و59 ألف برميل يوميا، على التوالي، بينما أضافت فنزويلا وإيران حوالي 70 ألف برميل يوميا بشكل إجمالي.
وفي الاجتماع الشهري لمنتجي أوبك +، جاء قرار الإبقاء على تخفيضات الإنتاج بمثابة مفاجأة لمراقبي سوق النفط، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط. تظهر هذه الخطوة أيضاً أن المنتجين ما زالوا حذرين من ارتفاع أسعار النفط واتجاهات الطلب على المدى القريب. وبموجب الاتفاقية، وافق معظم المنتجين في المجموعة على إبقاء تخفيضات الإنتاج دون تغيير باستثناء روسيا وكازاخستان اللتين سُمح لهما بزيادة الإنتاج بمقدار 130 ألف برميل يوميا و20 ألف برميل يوميا، على التوالي. نتيجة لذلك، تبلغ التخفيضات الإجمالية للمجموعة الآن 6.9 مليون برميل يوميا.
وفي الاجتماع الأخير، تعهدت المملكة العربية السعودية بمواصلة التخفيضات الإضافية البالغة 1 مليون برميل يوميا حتى أبريل -2021 مقابل توجهاتها السابقة لهذه التخفيضات حتى مارس -2021. ونتيجة لذلك، بلغ معدل الامتثال الإجمالي لأوبك + للحصص المتفق عليها 113.5 في المائة خلال فبراير - 2021، وفقًا لمسح أجرته ستاندرد آند بورز بلاتس.