في رِكاب المرأة المفكّرة الشاعرة (روضة الحاج) يسير كل شيء: الخوف، والصبر، والحكمة، والصدق، والضحك، والحقيقة، والمجاز، والتشبيه، والاستعارة.. ولوهلة قد يظنُ القارئ أنه خيال، ولكن مع التحقق تتكلم روضة عن الواقع؛ فالمرأة هي كل شيء، هي الكيان الأوحد الكُلّي، هل كان نموذج أمنا خديجة -رضي الله عنها- ماثلاً أمامها حين تقولُ:
هي امرأة مثل كل النساء
على بابها يقفُ الخوفُ
منتظرًا دورَه في الأمانْ
كلنا يعلم معنى هذه الكلمات في أول ما نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال لها: «زمليني». فالحقيقة تهبنا واقعًا دينيًا وتاريخيًا. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «آمنتْ بي حين كفر الناس، وصدّقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء» (نساء النبي عليه الصلاة والسلام، د. عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، دار الكتاب العربي، بيروت، 1979م، ص31).
قد نظن أنه مجرد تشخيص للخوف يلتمس الأمان، ولكنها حقيقة إيمانية في وجدان الشاعرة وكل امرأة، والرجال أيضًا.
وعلى هذا النسق تنتقل روضة الحاج إلى غمرة التشخيص والمجاز وإن كان في خيالها الشعري حقيقته:
ويعتمرُ الصبرُ حكمَتها
ويسيرْ
ويستأذنُ الصدقُ ضحكتَها
إذ يمرُّ
فأي خيال أنثوي يتخيل الصبر شاخصًا عمامته حكمة المرأة وسيره حكمة المرأة والصدق في براءته الندية يتزيّا ضحكة المرأة، وبين السير والمرور صبرٌ وصدق هما عدّةُ الرجل في هذه الحياة كما أنهما عدةُ المؤمن.
وتكمل روضة المسير وتعيد توظيف النصوص المقدسة:
ومن تحت أقدامِها
تخرجُ الشمسُ
والبدرُ
والنهرُ
والأغنياتْ
فالحديث الشريف: [عن أنس بن مالك]: «الجنّةُ تحتَ أقدامِ الأُمَّهَاتِ» تبني عليه صورتها الاستعارية المجازية. وهذه الصورة حقيقة واقعة.
فالأم هي كلٌ في الحياة، ولولاها ما كانت ولا كان إدراك الإنسان الشمس، كما أن الأم هي البدر لكل رجال العالم، كما أنها نهر الحياة تهب جسدها وليدها، كما أنها تهدهده طيلة حياته.
فعلى قصر المقطع الشعري تبرز روضة الحاج أن المرأة كلٌ في كلِّ شيء بالنسبة لكل الرجال، والنساء أيضًا، فالمجاز هو الحقيقة، والحقيقة هي واقع المرأة.
شكرًا روضة الحاج.
** **
- د. فاطمة عويض المطيري