إن الحراك الثقافي الذي نشهده على أرض الواقع اليوم إنما هو نتاج فكر وانعكاس لوجه من الطاقات والإمكانيات التي بدأت تشرق بوعي مسؤول عن تحقيق أهدافه ويسير بتوازن مع المتغيرات كافة، والمحرك له هو توظيف معرفة قيمة العمل التكاملي بين الجنسين عبر تقليص الفجوة بينهما والعمل لكل مخلوق عبادة (اعملوا فكل ميسر لم خلق له). وهذا العمل لن يكون مثمرًا إلا بإدراك أن القوة في التكامل.
فشكرًا بحجم السماء إلى الرجال الشجعان الواعين بقيمة المرأة الداعمين لها في كل أمر يليق بها ويناسب طبيعتها. وأقول للفئة القليلة التي في عقلهم نقص فهم وفي رأيهم ضعف وحتى الآن لم يدركوا قيمة المرأة الفعلي ودورها الشريك مع الرجل أقول لهم:
عندما نزل الوحي على سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- اتجه مباشرة إلى خديجة -رضي الله عنها- وعندما قبضت روحه الشريفة رأسه كان في حضن عائشة -رضي الله عنها.
منذ أكثر من 1400 سنة وحتى اليوم ضمن الإسلام حقوق النساء وكفل حقهن وحفل بهن من قبل أن يولد (يوم احتفالية عالمي للمرأة) من رحم الانتهاك والاستبداد الذي تعانيه المرأة في مجتمعات حول العالم، وما يحدث على أرض المملكة من تشريعات هي ليست غريبة ولا جديدة على المجتمع بل جاءت لتواكب متطلبات الحياة المتغيرة فصيغت هذه التشريعات بوضوح ليتسنى استثمارها، فالتحسن والتطوير الذي يحدث الآن ليس معناه أن المرأة السعودية كانت في وضع غير مناسب وغير لائق، بل لأن المملكة كأي بلد في العالم تخضع لتغييرات طبيعية في مناحي الحياة ولم يكن في حاجة ماسة لاستصدار تشريعات.
ومن المسلمات أن الأنظمة كسلوك الأفراد تنمو وتتغير بحكم السياق الاجتماعي فكان من الطبيعي مع تطور مهارات المرأة السعودية والفرص الاستثمارية التي هيأتها المملكة أن تقر القرارات وترصد التشريعات وتوضح اللوائح لضمان مشاركة المرأة في منظومة التغيير وفق رؤية عززت ومكنت ودعمت دور المرأة لتمارس حقوقها مع الأخذ بالاعتبار الخصوصية الثقافية للمجتمع، إذ ما زالت -ولله الحمد- تسير بخطى ثابتة في كل مراحل التنمية وهي كعادتها شامخة لم ولن تخضع لأي ضغوط، فعبدت الطريق لتحقيق الأهداف التنموية الشاملة وفقًا لما حددته الشريعة السمحة، ولا ننكر أن هناك قيودًا من بعض عادات وتقاليد هي من أبخست حق المرأة سابقًا ولكن اليوم نراها تمضي بتناغم وانسيابية مع كل التحديثات والتحديات دون أن تفقد حيويتها، وسلاحها الثقة والإرادة والصبر، فكيف لا يكون النجاح حليفها اليوم وكل يوم ومنذ القدم منذ أن كان الناس رعاة غنم وأصحاب زرع. هكذا هي كانت وما زالت المرأة السعودية شريكة في بناء الوطن والمسؤولية كبيرة وتكبر، فعلينا بالعمل لأن القوة في التكامل والفرص متاحة للكفاءات، ومعًا بوجود الرجل ننهض وننجز ونشارك في رسم ملامح مراحل مستقبل الوطن، فنحن عظماء بعظمة هذه البلاد، فلولا الرجل ما كانت امرأة ولولا المرأة ما كان رجل.
** **
- مها النصار