في كل يوم تشرق فيه الشمس على هذه البسيطة، تخطو المملكة العربية السعودية خطوات واسعة، بل تقفز قفزات شاسعة نحو مصاف الدول المتقدمة، وذلك من خلال إطلاق المشروعات العملاقة، وتدشين المبادرات الخلاقة، وتبني الأفكار التواقة، وتشكيل الكيانات السباقة.
وقد أصبحت هذه سمة بارزة من سمات هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -يحفظهما الله-، حيث أصبح هذا العهد بحق غرة في جبين الدهر، ودرة في سماء هذا العصر، وتاجاً على صدر الزمان، ووساماً تتباهى به حضارة بني الإنسان، فقد دخلت فيه المملكة مرحلة تاريخية جديدة مهمة، فهو عهد تشهد فيه البلاد قفزات كمية ونوعية هائلة من التحولات والتغيرات والتطورات والإصلاحات في كافة مفاصل الحياة، وتعيش مزيداً من التطور والتحضر والرقي والتقدم، والإنجازات الكثيرة، والخيرات الوفيرة، ويبلغ الإنجاز ذروته، ويصل الإبداع قمته، ويكمل التفوق مسيرته.
وفي هذا الإطار، صدر قرار مجلس الوزراء الموقر، بتشكيل لجنة باسم: «اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار»، ترتبط بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويرأسها رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتعنى بتنمية قطاع البحث والتطوير والابتكار في المملكة.
ولا شك أن هذا القرار قرارٌ تاريخي مهم في مسيرة البحث والتطوير والابتكار في بلادنا الحبيبة، إذ بموجبه تحقق حلم طالما راود المنتمين لهذا القطاع عبر السنين، أما وقد تحقق على أرض الواقع، فهم يشعرون بالفرحة والسرور والغبطة والحبور، وألسنتهم تلهج بالشكر والتقدير والثناء لقيادتنا الحكيمة الواعية الرشيدة التي نذرت نفسها ووقتها وجهدها في خدمة الوطن الغالي.
وتكتسب هذه اللجنة أهميتها من الأمور التالية :
أولاً: انها تتشرف برئاسة رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وهو -أيده الله- مهندس رؤية المملكة (2030)، وأستاذ برامجها التحولية، ورائد أفكار التحديث والتجديد والتعمير والتطوير على مختلف المستويات. وهذا يعني أن هذه اللجنة ستكون هي النبراس الذي يضيء معالم طريق تحقيق أهداف هذه الرؤية الطموحة، ومحور الارتكاز للنشاطات البحثية والتطويرية والابتكارية والإبداعية.
ثانياً: ان ارتباط هذه اللجنة - تنظيمياً - بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية سيمكنها من توجيه الأولويات في منظومة البحث والتطوير والابتكار؛ بما يخدم الاقتصاد والتنمية - بشكل أكثر فاعلية - في المملكة، ويجعلها تركز في الدعم والتشجيع والتحفيز على الدراسات والأبحاث التطبيقية والتجريبية والتتبعية والطولية ذات الصدق الاجتماعي، وكذلك على المخترعات والمبتكرات ذات الصبغة العملية، ووضع الضوابط والمعايير التي تكفل تحديد الوسائل والبدائل والأساليب التي تضمن العمل على تحويل المنتجات البحثية والتطويرية والابتكارية والإبداعية إلى مشروعات تنموية في مختلف المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والتعليمية والصحية والثقافية والترفيهية والسياحية، إلخ.
ثالثاً: ان منتجات القطاع البحثي والتطويري والابتكاري والإبداعي التي تعنى بها هذه اللجنة تعد هي أهم الآليات والأدوات التي يمكن توظيفها في سبيل تحقيق التنمية المستدامة في أي بلد من بلدان العالم.
رابعاً: ان هذه اللجنة ستشكل مرجعية دائمة يحتكم إليها الجميع في مجال اختصاصها، وستغدو مظلة كبرى تستظل بتعليماتها وتوجيهاتها كافة الكيانات التي يقوم عليها القطاع البحثي والتطويري والابتكاري في المملكة. وهذا يعني تحقيق المزيد من التعاون والتنسيق والتكامل بين هذه الكيانات؛ بما يؤدي إلى زيادة كفاءة الإنفاق، والحد من الهدر، وتلافي الازدواجية في العمل.
خامساً: إن هذه اللجنة -بهذا المستوى الرفيع- سوف تكون قادرة -بإذن الله تعالى- على تقعيد العمل وتقنينه وتطويره وتأطيره وتجويده، وتوحيد الجهود وتكثيفها، وستعتمد الحوكمة والوضوح والشفافية في جميع منهجيات عمل هذا القطاع الحيوي، وستسعى إلى تحويل بيئات عمله إلى بيئات تحكمها مؤشرات قياس الأداء، ويسود فيها التفوق والتألق والإبداع.
سادساً : إن هذه اللجنة تأتي تتويجاً للجهود الجبارة التي بذلتها المملكة في سبيل بناء قاعدة صلبة يقوم عليها قطاع البحث والتطوير والابتكار، ومن خلال ذلك حققت تقدماً كبيراً في هذا المجال، بل إن بعض كيانات هذا القطاع قد دخلت التصنيفات العالمية من أوسع أبوابها، وعليه، فإن هذه اللجنة ستعمل -من خلال منظور شمولي- على تكريس مبدأ عدم اختراع العجلة من جديد، وإنما البدء من حيث انتهى الآخرون محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وفي الختام .. ندعو الله -سبحانه وتعالى- أن يحفظ بلادنا المباركة، وأن يحفظ عليها أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لها قيادتها الحكمية الواعية الرشيدة كي تواصل مسيرة الخير والعطاء والنماء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
** **
- رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى