الهادي التليلي
من الوجوه السياسية التي لم تكن لي أي معرفة أو تواصل لا من قريب أو بعيد معها في المشهد التونسي السيدة عبير موسى هذا الوجه الحقوقي والسياسي الذي صار هو الأكثر ظهوراً في الساحة السياسية التونسية خاصة بعد استماتتها في الذود عن صورة المرأة التونسية الحديثة في وجه المد الإخواني الذي استشرى في مفاصل قيادة الدولة وإدارتها منذ 2011 .
عبير موسى التي تشبهها وسائل إعلام عالمية وعربية بمارغريت تاتشر المرأة الحديدية THE IRON LADY تعرضت لكل أنماط الاستفزاز والإهانة من طرف أذرع الحزب الحاكم النهضة وفروعه ومع ذلك بقيت شامخة صامدة ومن بين هؤلاء الذين حاولوا الإساءة لها ذراع النهضة المواجه ائتلاف الكرامة وحتى الأحزاب المتلوّنة من فئة قلب تونس لدرجة أن شخصية مثل عياض اللومي الذي كان يعتبر الوجه الشرس لحزب قلب تونس صرح بكون عبير موسى صارت كابوساً يظهر له في المنام ولا ندري حجم المبالغة في قوله ولكن أن يتواضع من تجرأ على العلامة ابن خلدون ونسب عنفاً إحدى مقولاته للسياسي تشرشل على الاعتراف بأن عبير موسى التي لا تحمل سوى وطنيتها وثقافتها القانونية وحضورها البرلماني كابوسًا يقظ مضجعه فهذا يدل على ما تمثّله من خطر على أجندات الأحزاب الإخوانية والمتحالفة معها المرأة الحديدية الجديدة THE NEW IRON LADY التي لا تستند إلى حزب محافظ مهيمن على المشهد السياسي مثل تاتشر وإنما تحاول استعادة أمجاد مرحلة دستورية أسس لها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وتم إخراجها من مشهد الحكم بعد فترة آخر رئيس قبل ثورة الربيع العربي زين العابدين بن علي عبير موسى التي كانت من قيادات الصف الثالث داخل أركان الحزب المنحل اختارت عدم الهروب من المواجهة والوقوف في وجه العاصفة على عكس رئيس الحزب آنذاك محمد الغرياني الذي ارتمى في الحضن الإخواني ليصبح مكلفاً بمأمورية لراشد الغنوشي رئيس حزب النهضة ورئيس البرلمان الغرياني اختار سياسة النعامة والتلون بخطاب الحزب الحاكم صار المنسق للحشد الجماهيري للنهضة بالشكل الذي كان يتم به التجييش أيام كان أمين عام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي مع مسحة أردوغانية في لعبة الأعلام بشكلها الرومنسي ولكن مع أردوغان يرفع العلم التركي ومع النهضة يرفع علم حزب النهضة لا العلم التونسي
عبير موسى لم تكن محمد الغرياني، بل كانت المرأة البورقيبية التي تقاوم مظاهر ما قبل الحداثة كما هي امرأة الطاهر الحداد الذي دعا لتحرير المرأة ونُكِّل به فكريًا عقب كتابه امرأتنا في الشريعة والمجتمع.. هذه المرأة أخرجت مجلس الشعب التونسي من دور الجوقة الممجدة لأمجاد حزب النهضة إلى مرجل دائم الغليان قد ينتهي بإخراج الإخوان من سدة العرش ورئاسة البرلمان.
الإخوان الذين وجدوا في قيس سعيد حارسًا غير متوقع الصمود على الدستور وقيم الجمهورية وهو ما أحرجهم وجدوا أيضاً في عبير موسى نبضًا اجتماعيًا وحضاريًا دائم التقاطع مع تجاوزاتهم وكأنها تقول للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة أنت لم تمت طالما للمرأة التونسية عرق ينبض عبير موسى التي تتصدر استطلاعات الرأي ونوايا التصويت في حال قيام استحقاق انتخابي عاجل كحزب وتزداد شعبيتها يوماً بعد يوم بعد خيبة أمل التونسيين في حزب قلب تونس من ناحية ويأسهم من التغيير بمركب حركة النهضة من ناحية أخرى هذه المرأة التي مثلها مثل الرئيس قيس سعيد تعرضت للتهديد أكثر من مرة بالقتل تسير نحو هدف يريده الشعب ولا تريده الأحزاب المتمكنة من الحكم ولكن قد يكون الوقت شديد التأخير والوضع الاجتماعي والاقتصادي لتونس لم يعد المواطن يحتمله.