محمد عبد الله الحمدان
كنت كتبت -مؤخرًا- في هذه الجريدة عن كتابين.. هما: (طيوف ترسمها حروف)، و(من المجمعة إلى مجمع البحوث الإسلامية). وهذا أول الكتب الباقية في الانتظار. الأول: الخزانة.. في أدب الفكاهة.. ففي اجتماعاتنا في منزل د. عبدالرحمن الصالح الشبيلي -رحمه الله- عرّفني على الأخ الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف، بل جعلني أكلمه كعادة المرحوم في خدمة إخوانه، وكنت علمت أن من مؤلفاته كتابًا في الفكاهة التي أحبُّها كثيرًا، وأبحث عن أي كتاب فيها، وجمعت منها في مكتبتي أكثر من 40 كتابًا، قديمة وحديثة.
وقد بادر الأستاذ الشريف -جزاه الله خيرًا- بتزويدي بالكتاب، وبكتاب (قطوف الأدب في أخبار ومآثر العرب) 1420هـ (515 صفحة).
الخزانة في أدب الفكاهة 1420هـ،371 صفحة، الذي من ميزاته أن المؤلف جمع مواده التي بلغت 240 مادة في 32 صفحة، تسهل للقارئ معرفة الطرفة وأين تقع، ومن طرائفه (العنز الحسناء) و(حسن المرأة)، ومن مراجعه كتاب (نُقَل الأديب) لمحمد إسعاف النشاشيبي -رحمه الله- الذي ما زلتُ أبحث عنه مطبوعًا بعد أن نقلت بعض ما نشر عن تلك النّقل في مجلة (الرسالة) للزيات، ثم زودني ابني البارّ ماجد بطبعة منه ناقصة أُعِدَّت في فلسطين.
أما كتاب المؤلف الثاني فهو (قطوف الأدب في أخبار ومآثر العرب). ومن نشاط المؤلف أنه وضع للكتاب فهرسًا، يضم أخباره ومآثره، جاءت في 200 فقرة في 8 صفحات. ورجع المؤلف لـ49 مرجعًا، وتضمن كتابه عدداً من أخبار ومآثر العرب. وللأستاذ كتب أخرى، أذكر منها (في الشأن العام) و(النزاهة في مواجهة الفساد) وغيرهما كـ(الملتقى) في شعر الغزل، والمختار من إبداعات الشعراء. وشكراً لكم وله.
ومن موضوعات (عناوين) كتابه (في الشأن العام):
- لماذا تتزايد مظاهر الفساد في الأجهزة الحكومية
- الرشوة.. أكبر معطل وعائق للتنمية (التكنولوجيا هي التقنية).
- مُواطن يفطر على الماء أولى من غيره بما ينفق على موائد الإفطار.
- مظاهر الزواج الحاليّة.. مباهاة وبُعد عن الأصالة
للأستاذ عبدالرحمن بن زيد السويداء (كتاب جيد في هذا الموضوع).
- لقب أمير الشعراء بين الفزعة والنزعة في برنامج (شاعر المليون الإمارات).
- انطباعات سفر.. صفحتان في هذا الكتاب.. قال فيها المؤلف بعنوان: (انطباعات سفر عن أخلاقيات التعامل أحدثكم). قال ذلك بعد أن قدر له زيارة بعض المدن الألمانية فقال: هذا البلد الذي يقف في المقدمة من العالم.. تنظيمًا، ورقيًّا، وصدقًا في التعامل، واحترامًا للآخرين، والتزامًا بالنظام العام، الأمر الذي جعلني أقف وأتأمل وأتساءل؟ ألسنا نحن المسلمين أجدر بالالتزام بهذه الصفات؟
هناك في ألمانيا ونحوها يسرّ الناس لمساعدة الغريب والزائر، أو الذي لا يعرف اللغة، ويتوقفون للاستماع إليه ومحاولة مساعدته، فيما يسأل عنه، إن كان مكاناً أو طريقاً، بل يصحبونه إذا استدعى الأمر إلى حيث يتأكّدون من وصوله، أو معرفته اتجاهه، وهنا (أي لدينا) لِمَ لم تعد فئة منا لا تحب مساعدة الآخر ولا حتى بالكلام، لارتيابه منه، وشكه في مقصده، وإن وجد أحدنا مسافراً مقطوعاً تعطّلت به مركبته؛ ينشد المساعدة، فإنه يعرض عنه ولا يأبه به، خوفاً مما قد يحدث له، وصار الناس أشبه بالوحوش تجاه بعضهم.
هناك يلتزم الناس بنظام المرور، وتأخذك الدهشة وأنت تدلف إلى هذا البلد من الدقة والانضباط السائدين، حيث لا يفكر أحد في المخالفة، حتى إن كانت الشوارع والطرقات السريعة خالية من أي رجل مرور رسمي؛ لأن كل واحد يعد نفسه رجل مرور، فكيف يجيز لنفسه المخالفة؟ وهناك لا تكاد ترى حادثاً مرورياً رغم أن السرعة مفتوحة على الطرق السريعة، وهو ما حدّثني به سائق سيارة الأجرة الذي أقلني من المطار، عندما رآني مرتبكاً لمنظر مؤشر السرعة في سيارته وهو يقترب من 200 كيلو متر.
وهنا، أي لدينا، فإن الذي لا ينساق مع الآخرين ويخالف ربما يعد غريباً ومستهجناً، وتحاصره الأبواق والنظرات من كل جانب، ويضطر إلى إخلاء الطريق خوفاً على نفسه، والكثير منا يستحضر
الشهادة عندما يمتطي سيارته خوفاً من أن لا يعود إلى أسرته، أما الحوادث فهي مميتة.. وتقع بالجملة حتى في شوارع المدن وطرقاتها العادية.
التعاملات كافة مبنية على الثقة الكاملة، في البيع والشراء، في الحجوزات والاستئجار والانتقال والسفر، ويعتمد الناس على الوسائل الإلكترونية في كل إجراء، أما هنا فيظلل الشك والريبة كل التعاملات، حتى إن وثقت بالمستندات.
سيارات الأجرة في غاية النظافة، وسائقوها في منتهى الرقي في التعامل، يتكفلون بحمل حقائبك وإنزالها معك، بعد أن يتأكّدوا بأنفسهم من وصولك إلى المكان المقصود، أما لدينا فيكاد نفسك يختنق من رائحة السيارة ومن فيها، ويأمرك بعض السائقين بوضع حقائبك بنفسك، هذا إذا لم تتعرَّض للشد والجذب من قِبل السائقين وأنت تدلف إلى أرض أحد المطارات في المملكة.
هناك الطبيب لا تفارقه الابتسامة وهو يستقبل مرضاه على مدى 12 ساعة أو أكثر في اليوم، ولا ينظر إلى ساعته مستعجلاً الوقت، وهنا: يعلو العبوس وجه الطبيب وهو ينظر إلى المريض والقلم في يده، ليبدأ في كتابة قائمة الأدوية مرتفعة الثمن التي إن أخطأ واحد منها يصيب الآخر. أ.هـ.