عبدالوهاب الفايز
هل يرغب اليمنيون أن يحدث لهم ما حدث للشعب السوري؟ هل يحلم اليمني أن يعيش في بلده؟
أين الصوت اليمني في المهجر. أين الاستفادة من تجربة الصوت اللبناني في المهجر؟
تبادرت إلى الذهن هذه الأسئلة بعد مشاهدة التقرير الذي بثته الـCNN (سي إن إن) الأسبوع الماضي عن الأوضاع الإنسانية في اليمن، وهي أوضاع نعرفها ونتألم لأجلها. هذا التقرير لم يذكر المتسبب الحقيقي في المأساة اليمنية الحالية. لن تقول لك الـ(سي إن إن) أن مصدر الأزمات المتلاحقة هي السياسات الأمريكية البريطانية المدمرة في المنطقة خلال الخمسين عامًا الماضية، بالذات حدثها الأكبر.. احتلال العراق ومن ثم إطلاق مشروع إيران المخرب الذي قاد إلى الكوارث الإنسانية، ومنها كارثة اليمن التي قدمتها الـ(سي إن إن) كموقف معادٍ للمملكة على أنها نتيجة للحصار السعودي على الشعب اليمني!
نحن لا نتوقع أن الـ(سي إن إن) قناة محايدة وذات هدف إنساني نبيل، فهي جزء من منظومة المصالح الأمريكيه، أولاً، وثانياً هي محطة تخدم أجندتها السياسية والإعلامية الليبرالية الخاصة، ولهذا السبب أعلن الرئيس ترامب الحرب عليها منذ اليوم الأول لحملته الانتخابية حتى يُحيِّد تأثيرها عليه، مما جعلها تفقد توازنها وتتحول إلى محطة مؤدلجة وكاشفة أنها غير محايدة ولا تقدم إعلاماً مستقلاً، مثلما انكشفت (قناة الجزيرة) للمشاهدين في العالم العربي عندما وصل الإخوان إلى السلطة!
أعتقد أن أفضل من يرد على الحرب الإعلامية المضللة التي تقودها الـ(سي إن إن) حول المأساة في اليمن هم إخواننا اليمنيون. هذا واجب حكومة الشرعية، وبيدها سلاح فعال في المواجهة، ونقصد الجالية اليمنية في الولايات المتحدة، بالذات الجيل الثالث للمهاجرين الأوائل. من هؤلاء نخبة متعلمة ومثقفة وقادرة على مخاطبة الشعب الأمريكي لإيضاح حقائق الصراع. المأساة الإنسانية للشعب اليمني هي امتداد للمشروع الإرهابي الإيراني.
وأعتقد أن تحركهم السريع ضروري، فالمؤشرات الآن تقول إن أمريكا سوف تكرر نهجها السابق. إدارة بايدن يبدو أنها تتجه لاستخدام القضية اليمنية كورقة للتفاوض مع إيران مقابل الحصول على تنازلات في البرنامج النووي الإيراني.
وهناك سوابق، فقد سلمت العراق ثم سوريا لإيران مقابل دعمها في الحرب على الإرهاب والإطاحة بصدام. إدارة بايدن ترغب تسجيل (مكاسب سريعة) تنعكس على الداخل الأمريكي، ولا تهمها العواقب والمآسي في المنطقة.
اليمنيون بإمكانهم إطلاق مشروعهم الإعلامي التواصلي مع العالم، بالذات في أمريكا، عبر تنظيم مؤتمرات في ولايات مثل مشيغان ونيويورك وغيرهما، أي حيث التواجد الكثيف للجالية اليمنية والعربية والإسلامية. فمشروع إيران مهدد لأمن الدول العربية والإسلامية. لقد أشعل مشروع الخميني الحروب الطائفية والقومية، والنخب المثقفة والمتعلمة من الجاليات العربية والإسلامية في الغرب مدركون لخطورة هذا المشروع. وأيضًا هناك رجال دولة وسياسة ومفكرون وإعلاميون، أميركان وأوروبيون، لديهم الكثير مما يرغبون قوله حول الصراع في المنطقة. هؤلاء دورهم وصوتهم حيوي ولن تجدهم في القنوات الرئيسية الأمريكيه والأوربية مثل الـ(سي إن إن) وأخواتها.
إذا تركنا المجال للحوثي ولأسيادهم في طهران، فإنهم سوف يستثمرون منظمات الأمم المتحدة، وهذه مخترقة من قبل منظمات المجتمع المدني، وإيضًا سوف يستثمرون الإعلام الدولي الذي يفقد حياديته وضعف مهنيته عندما يتعلق الأمر بقضايا العالم الثالث الذي تراه (الذهنية الإعلامية الغربية) كمختلف، فهي تستمد صورتها واتجاهاتها وانحيازاتها العاطفية من حقبة الاستعمار والتفوق الغربي، فالموضوعات الإعلامية عن هذه الشعوب لا تستحق عناء البحث والتحري والحرص على المهنية الإعلامية!
ومؤشر هذا الإهمال وضعف المهنية وانكشاف التحيز الأيديولوجي أو السياسي تجده واضحًا، مع الأسف الشديد، في الأقسام العربية لوسائل الإعلام الدولية الأمريكية والأوروبية الموجهة تجاه قضايا وهموم وتحديات العالم الثالث، مثل الـ(سي إن إن) والـ(بي بي سي) البريطانية، والمحطات الفرنسية والألمانية والروسية، وقناة الحرة.
بقي أن نقول لجميع إخواننا في اليمن والمهجر: أين طموحكم لبلادكم، هل نترك إيران تهجر شعبكم وتشردهم حول العالم، كما تشرد وتبهذل الشعبين العراقي والسوري؟!