د. عبدالرحمن الشلاش
الثبات على المبادئ والقيم لا يتحقق لدى كثيرين. أن تنظر للخطأ من أي أحد بنفس المنظار حتى لو كان الخطأ منك شخصيا هذا الأمر دون شك ينظر إليه بأنه قمة في الموضوعية والتجرد من العواطف والأهواء التي تتحكم في البعض فتجعلهم يكيلون بمكيالين. مثل ذلك أيضا انفصام في السلوك يجعل هذا الإنسان يتغير من موقف لآخر.
نفس الشخص المتكئ على أريكته في المجلس أو الاستراحة يسرد قصصا عن مثاليته ومساعداته للغير وتقيده بالنظام ومقته لمرتكبي المخالفات هو نفسه من يتجاوز ويبحث عن الواسطة لإنجاز أعماله وتسليك أموره، وهو نفسه بشحمه ولحمه من ينتقد قاطعي الإشارات ومن يقفون في أماكن خاطئه هو نفسه من يرمي مخلفاته في الشارع ومن نافذة سيارته. مناديل وعلب فارغة أو أعقاب سجائر.
ما أتحدث عنه لا يمثل حالات فردية محدودة بل تكاد تكون ظاهرة عامة تحتاج لتشخيص دقيق وعلاج حاسم لأن مثل هذا الانفصام الخطير يؤثر بلا شك في الأجيال الصاعدة التي تتخذ مثل هؤلاء قدوات وربما يشعر بعض من الجيل الصاعد بحالات مزمنة من التوهان عندما تضعف لديهم القدرة على التفريق بين الصواب والخطأ!
تصدم عندما تشاهد سلوكيات غير سوية لأشخاص ملأ ضجيجهم الكون بالتأكيد على القيم والمثل بينما يمارسون في مواقف أخرى سلوكيات مخالفة لما يدعون إليه، ويؤكدون عليه. هذا الانفصام في السلوك من أسبابه في نظري الجهل لدى فئة، واللا مبالاة لدى فئة، وقلة التركيز أو النسيان لدى البعض والسبب الأقوى قلة الوعي لأن الوعي مرتبط بالسلوك بينما المعرفة مرتبطة بالتفكير.
هذا موضوع قد يغفل عنه لكنه في منتهى الأهمية حتى لا تظهر لنا أجيال تمارس الكذب والنفاق وتضليل الناس.