رمضان جريدي العنزي
رمي النفايات في الحدائق العامة وفي الشوارع والأرصفة والمواقف العامة والساحات تتسبب بالضرر على الإنسان والسلامة العامة، وكذلك على البيئة. إن الذين يرمون النفايات يتصفون بعدم الاحترام للقانون ويتجنبون تطبيقه، فضلاً عن الجهل والغطرسة والسلوك المشين. مبالغ من المال تُصرف لجمع وإزالة النفايات التي يلقيها الناس من غير تفكير ولا إدراك ولا إحساس بالمسؤولية. إن جمع النافايات وإزالتها عملية مكلفة وتستغرق الجهد والوقت على مدار اليوم. إن الدولة تنفق ملايين الريالات لتوفير الساحات الخضراء والمتنزهات والحدائق العامة وفق أعلى المعايير، لتكون متنفساً للناس ومتنزهًا لهم، إلا أن البعض من مرتادي هذه الأماكن من مواطنين ومقيمين يشوهون المظهر العام لها، وذلك بتركهم للنفايات حين مغادرة المكان دون أن يهتموا بجمعها ومن ثم وضعها في الحاويات المخصصة لها. إن هذه الممارسات السلبية أصبحت ظاهرة بشكل واضح وجلي، الأمر الذي يخلف منظرًا قبيحًا ومظهرًا غير حضاري، وعطفًا على هذا السلوك المشين، والعمل الرديء، الذي يقوم به هؤلاء المستهترون. فلابد للتصدي لهم من خلال تطبيق لائحة الغرامات بشكل فوري لمواجهة العبث المستمر من قبل فئة لا مبالية تهدف إلى تشويه المرافق العامة سواء بعمد أو دون قصد، دون أن يكلفوا أنفسهم وضع النفايات في الأماكن المخصصة لها. إن النظافة سلوك حضاري تهدف إليه المجتمعات الراقية، كونه يعطي الصورة المشرقة والجميلة عن المجتمع، إضافة إلى الأبعاد الصحية والبيئية والنفسية المترتبة عليه، لكن أن يمارس هذا السلوك بطرق خاطئة كما نراه في الحدائق والساحات العامة وكذا على مدرجات الملاعب وفي الطرقات والأرصفة والممرات، يجعل المرء يتساءل أين هذه السلوكيات من السلوك الحضاري؟ إننا بأمس الحاجة إلى الوعي والإحساس بالمسؤولية الجماعية، بعيداً عن الأنانية والتفرد. إن ديننا الحنيف يحثنا على النظافة وإماطة الأذى عن الطريق، ومع ذلك نرى من يقوم بالعكس بكل استهتار وعنجهية وقلة حياء، قال صلى الله عليه وسلم: (نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَط غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كانَ في شَجَرَةٍ مُقَطَّعَةٍ فَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ الله لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ) رواه البخاري ومسلم، وعن أبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمٍَ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: أَمِطِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ)، وعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ) رواه الطبراني. إن النظافة في الإسلام مطلب ضروري وقيمة نبيلة، وسلوك إنساني وحضاري، وهي أول الانطباعات التي تتشكل عن الفرد وشخصيته، كما أنها مقوم أساسي للحكم عليه، ولا شك أن دعوة الإسلام إلى نظافة البيئة كان هدفها حماية المجتمع من الأمراض، فمن المعلوم أن أضرار التلوث ليست قاصرة على الفرد وحده بل تتعداه إلى الكثير والكثير، ومن ثم عني الإسلام عناية خاصة بالنظافة، فهي من مظاهر الإيمان، وهي سلوك إنساني وحضاري، وفيها إرضاء للرحمن، وعافية للأبدان، وسلامة من الأسقام.