هناك الكثير من العادات والتقاليد الخاطئة في مجتمعنا، تحمل ثقافة ركيكة جداً غير صحيحة، ولازلنا نطبقها في حياتنا، لكوننا توارثناها للأسف جيلاً بعد جيل، إلى أن أصبحت ثابتة بالنسبة للجميع، وإن كانت غير مقنعة بشكل منطقي وعقلاني، ولكن بسبب توارثها والتمسك بشدة بها، جعلها تصنع حاجزاً متيناً وقوياً، لا يستطيع أيا كان اختراقه أو التخلي عنه، هذا وبخلاف أن الكثير منها قد يطول الحديث عنه! لكننا نحاول بجهودنا الرامية، إلى أن نتطرق لبعض منها، وعلى مدى سوء تأثيرها علينا وعلى غيرنا، لكونها تمس واقعنا، عل وعسى أن نغير أو نصحح ولو شيئاً بسيطاً منها، بشيء يعود بالإيجاب على عاداتنا، تقاليدنا، ثقافتنا، مبادئنا وقيمنا أيضاً. فلو التفتنا مثلاً لمقولة «السيئة تعم والحسنة تخص»، وتعمقنا فيها، لوجدناها مقولة قد تظلم الكثير والكثير بسبب فعل خاطئ ارتكبه فرد واحد من مجموعة، فتعاقب تلك المجموعة ويساء إليها بسبب تصرف لم تقم به أصلاً، ولن ترتكبه أساساً، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى، فيكفي بأن الله سبحانه وتعالى بيّن ما أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال: {ألا تزر وازرة وزر أُخْرَى} أي كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب، فإنما عليها وزرها لا يحمله عنها شخص آخر. فحين يقوم «شخص ما» بموقف مشين، مراراً وتكراراً، ويعم هذا الموقف المشين على جميع من حوله، فيعتبر هذا ظلما ولكن من نوع آخر! ومع هذا التكرار، قد يجعل من الشخص نفسه، إنسانا غير مبال، ومع مرور الأيام سيستشعر وكأنه بطل في تلك المواقف، وبالأخص حين لم يجد من يكون رادعاً له، ليعلمه حدوده! ويعلمه أيضاً بأن مثل هذه التصرفات قد تسيء لغيره قبل أن تسيء له، كي لا يعتاد ويتمادى بعدها، فتجده يجتهد بتنفيذ كل فكرة ترسخ في ذهنه دون تردد أو تفكير، ودون الاهتمام لعواقبها. ولو نظرنا إلى ديننا الإسلامي الحنيف، فقد نجده ضد هذه الفكرة ويخالفها مخالفة كلية، ليقتضى على الفرد أن يتحمل مسؤولية أفعاله، لا أن يتحملها غيره، كي يشعر بالمسؤولية تجاه تصرفاته، وكي لا يتمرد ويسترسل بها، ومن ثم تدور الدائرة وتصبح ثقافة عامة في مجتمعنا. وخذ بعين الاعتبار أن حدث وتعرضت للإساءة والتجريح، من قبل شخص ما، فإما أن تعفو وتصفح عنه ولك الثواب من الله، وإما أن تترك المسيء لحساب الآخرة يوم لا تظلم به نفس شيئاً، ولكن هذا لا يعطيك الأحقية أبداً بأن تعمم على الجميع، ظناً منك بأنهم مثه. كما لو تعمقنا أيضاً، أكثر في قوله تعالى: ألا تزر وازرة وزر أُخْرَى ، فقد نجد لها وجها آخر من الصحة، إذ لو حملت السيئة على معنى السوء، فلنتذكر قول علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- حين قال: صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك، فالصديق هو الصادق معك، وهو الذي يقوّمك عندما تخطئ، وينبهك إلى مواقع الزلل في طريق أنت سالكها، لا ذلك الذي يصفق لضلالك، خوفا من انفعالك، فإن تجاذبتك المهالك، تركك في حالك. فالسيئة تعم نعم، لكن في حال أن كنا جميعنا مع المصاب في مصيبته، نسانده ونمد يد العون له، بالنصح والإرشاد، بما تلزم حاجته، فهنا فقط يعتبر بأن المصاب مصابنا نحن، والمصيبة مصيبتنا وليست مصيبته هو وحده! فليتنا نعيد النظر والتأمل وإعادة التفكير في أقوالنا وأفعالنا، عسى الله سبحانه أن يغير أحوالنا ويصحح مسارنا.