حب الوطن واجبٌ غريزي، يولد مع المرء وينمو معه، ويزداد حب الفرد لوطنه وارتباطه به كلما تقدم في العمر وتنعم بخيراته واستشعر الرابط القوي الذي يصل بينه وبين تراب وطنه، وخاصةً إذا ما كان هذا الوطن هو المملكة العربية السعودية، فقد فُطر أبناء المملكة على حب وطنهم والانتماء إليه، كيف لا وقد تعلقت قلوب الملايين من المسلمين بحب المملكة وأرضها المقدسة.
والوحدة الوطنية هي أهم ركائز قوة الوطن وعزته، وواحدة من أهم الدعائم والمقومات التي تقوي المجتمع وتربط بين أبنائه، وتقوم الوحدة الوطنية على أساس حب الوطن والانتماء إليه ووقوف أبنائه صفًا واحدًا خلف قيادته وولاة أمره للدفاع عنه وحمايته من أي أطماع وقوى خارجية تسعى إلى السيطرة عليه أو مساسه بسوء بأي صورة كانت، ووحدة الوطن تقوم على أساس ما يؤمن به أبناؤه من العقائد والعادات والتقاليد والمبادئ التي تربوا عليها وورثوها عن آبائهم وأجدادهم، والوحدة الوطنية هي أساس دفع الشرور التي تحيط ببلادنا والوسيلة الأهم التي من شأنها أن تنشر التعايش والتسامح والمحبة بين أبناء الوطن.
والوحدة بين أبناء الوطن والتفافهم حول ولاة أمرهم تزيد من قوة الوطن وقدرته على التصدي للعدوان الخارجي من أعداء الوطن المتربصين به والداخلي الذي يتسبب به التطرف والتمرد من المنحرفين من أبناء الوطن، فوحدة أبناء الوطن هي أساس حمايته من الفتن والشرور، كما تزيد الوحدة من الترابط بين أبناء الوطن الذي من شأنه أن يقضي على المشاكل الداخلية وتبعاتها الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات المتفرقة، بالإضافة إلى أن الوحدة الوطنية هي أساس النهوض بالوطن وتحقيق التنمية في مختلف قطاعاته للوصول إلى مستقبل مشرق للوطن وأبنائه.
ولا بد أن نسعى للحفاظ على ترابط النسيج الوطني للمملكة من خلال تعزيز دور الأسرة في تنمية الفرد وغرس ثقافة الانتماء للوطن في نفسه، وتفعيل دور الإعلام لما له من القدرة على التأثير في الناس وتنمية روح حب الوطن والانتماء له في نفوس أبنائهم، بالإضافة إلى الدور المهم للتعليم في تنشئة الأجيال على حب الوطن والسعي للحفاظ على تماسكه ووحدته الوطنية.
ويجب أن يمتلك أبناء الوطن الوعي الكافي والمسؤولية التي تحميهم من الجماعات التي تخطط لتدمير الوطن وزعزعة أمنه واستقراره، فالأعداء المتربصون بالوطن والطامعون في خيراته كثيرون، ولا يملون من وضع الخطط التخريبية التي تهدف إلى خرق النسيج الوطني، ولنا في العديد من الدول العربية والإسلامية التي استسلمت للفتن والتفرق عبرة، فلم تجنِ هذه الدول من الانجرار إلى الفتن إلا التفرق الذي فتت مجتمعاتهم وقضى على أمنها واستقرارها، فأصبحت أوطانهم ساحات حرب تراق فيها الدماء وتنتهك الأعراض، كما أصبحت خيرات أوطانهم متاحة للأعداء ينهبونها ويحرمون أبناءها منها، فأصبحت بلادهم بعد أن كانت آمنةً مستقرة موطنًا للحرب والفقر لا يعرف أبناؤها فيها إلا الخوف والجوع بعد أن كانوا آمنين مطمئنين.
** **
- مكة المكرمة