محمد آل الشيخ
أينما توجه إيران وجهها تجد حربًا وتدميرًا وإرهاباً. ملالي إيران يعتبرون أن ما يتم صرفه على أذرعة إيران في المنطقة هو ضرب من ضروب الجهاد حسب الشروط الفقهية الإثني عشرية، وتقول الأنباء الصادرة من دور الرصد والتحليل والدراسات الغربية إن مجموع ما يصرفه الملالي الإيرانيون على عمليات حرب استحواذهم على المنطقة وتمددهم فيها هي على النحو التالي: 700 مليون دولار على حزب الله في لبنان، و150 مليون دولار على ميليشياتهم في العراق، وعلى حماس الإخوانية 100 مليون دولار، أما الحوثيون الذين يُشعلون حرباً يقولون إنها ستستمر طالما حكومة بايدن تتلكأ في إحياء الاتفاقية النووية مع إيران فتصل إلى مليار دولار. والسؤال الذي يطرحه السياق هو من أين جاء الإيرانيون بكل هذه الأموال رغم أنها لا تزال تحت حصار العقوبات الاقتصادية، وليس في مقدورهم تصدير النفط، ورغم أنها تصرف على الداخل الإيراني أيضا؟.. يقول المطلعون إن جُل مداخيل النفط العراقي يذهب إلى إيران، ولا يبق للعراقيين إلا الفتات؛ والحكومة العراقية لا تستطيع تحريك هذا الملف أو التحقيق بشأنه، فالميليشات الإيرانية في العراق جاهزة لتعقيد الأمور في وجه الكاظمي فيما لو (تجرأ) وحاول أن يقترب من هذا الملف. أضف إلى ذلك أن الخمس الذي يفرضه الفقه الجعفري الشيعي يصب في نهاية الأمر في خزينة الولي الفقيه في طهران؛ وهذه - بالمناسبة - مبالغ طائلة، لا يعرف على وجه الدقة كم هي مجاميعها، إلا أنها تذهب إلى (تشييع) أهل السنة في كل بلاد العالم والعمليات الإرهابية التي تحمي الثورة الخمينية في إيران. الأمريكيون يعلمون عن مصادر تمويل الإيرانيين هذه، سواء كانت لحروبهم (الدعوية) كما يفعلون الآن في البلاد العربية التي يتبجحون بالقول إنهم يسيطرون على عواصمها، أو في جهودهم الدعوية في البلاد الإفريقية والآسيوية أو تمويل الحركات الجهادية الإرهابية السنية التي تعمل لمساندة المشروع الإيراني، مثل حركتي القاعدة وداعش. والسؤال الهام الذي يطرحه السياق: لماذا الأمريكيون ينشطون بكل ما أوتوا من قوة ومعلومات لتجفيف منابع الإرهاب السني، بينما يتغاضون، ويصمتون صمت القبور عن تجفيف مصادر تمويل الإرهاب الشيعي؟
أنا أكره التبرير الطائفي الذي يُفسر الظواهر السياسية من منطلقات طائفية، لكني لا أجد مبررًا لمثل هذا الكيل بمكيالين لهذه التعاملات المنحازة للشيعة والمجحفة لأهل السنة إلا أن ثمة مؤامرة مصدرها الأمريكيون، وهذا الموقف في نهاية الأمر سيؤدي إلى تعزيز وتغذية الفكر المتطرف السني الذي نسعى إلى محاصرته وتجفيف منابع تمويله بهدف اجتثاثه.
الكيل بمكيالين بهذه الطريقة المفضوحة سيجعل حلفاء الأمريكيين من البلدان السنية في مأزق، ويطرح من الأسئلة ما سوف تخلق بيئة مناسبة لنمو التطرف، الذي يتكئ على ثقافة الكراهية، خاصة وأن الأمريكيين في عهد بوش الصغير قدموا العراق بعد احتلاله لجمهورية الملالي ليشكلوا قواه الداخلية كما تتطلب أجندة الإيرانيين، أضف إلى ذلك غضهم البصر على محاولة الدبلوماسي الإيراني أسد الله الأسدي لتفجير تجمعات المعارضة العراقية في باريس، التي لو أنها نجحت لكان من أكبر الجرائم التي جرت في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية؟.. ومع أن بطل الجريمة دبلوماسي، وكونها جريمة إرهابية مكتملة الأركان، إلا أن السياسيين الأوروبيين كبحوا متقصدين جماح تبعاتها، فهل يدرك الأمريكيون مآلات هذه التصرفات المنحازة وغير المسؤولة ضد الطوائف السنية التي يشكلون في مجموعهم ما يزيد عن 90 في المائة من الشعوب الإسلامية؟
ولكيلا نعض وإياهم أصابع الندم، عليهم أن يعيدوا النظر في سياساتهم المنحازة لتمدد الغول الإيراني على حساب أهل السنة.
إلى اللقاء