د.محمد حسين القحطاني
اعتاد المبتعث السعودي في بريطانيا، الشاب تركي الشمري، أن يبدأ صباحه مع أصدقائه الطيور في الحديقة المجاورة له، حيث يقوم بإطعامها والتنزه قليلاً، إلا أن يوم الخميس كان مختلفاً لديه، حيث فوجئ بصراخ سيدة بريطانية تستغيث بطلب النجدة، لإنقاذ زوجها الذي سقط بمياه النهر، بينما كان يقوم الرجل البريطاني بإنقاذ كلبه الذي سقط في النهر قبله، سرعان ما لبَّى النداء تركي الشمري دون تفكير، هرع إلى النهر، ورمى بنفسه، وبعد معاناة دامت ربع ساعة، تمكن من سحب الرجل وإنقاذه.
تركي المبتعث السعودي الذي تحدث عنه الجميع، مشيّداً بموقفه البطولي، فهذا السلوك ليس بغريب عن أبنائنا في الداخل والخارج، ليس بغريب عن أبناء الوطن في كل مكان وزمان فتلك أخلاق المسلم، فهي الشهامة والأخلاق والمواقف البطولية والإنسانية، (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا اَلنَّاس جَمِيعًا)، ذلك أثر الدين الذي يثبت أن المسلمين متسامحون، محبون لفعل الخير وتلك أخلاق وسلوكيات ديننا الحنيف.
لم يتوقف تركي عند هذا الموقف فحسب، فقد أكمل بسلوكه وحسن أدبه وتعامله، وعزة النفس لديه والأصالة حينما بادر الزوجان وابنتهما، برد الجميل لمنقذهم، بزيارته وتقديم المال مرفق بالبوالين ورسالة شكر له لكنه أَبَى، رافضاً المال، مكتفياً بالبوالين والرسالة، والأجمل أنه لم يقم بتصوير نفسه، بل الزوجة وثَّقت ذلك، معبرة عن امتنانها له عبر صفحتها في فيس بوك بمشاعر فياضة اتجاه نبل قيم تركي ابن المملكة بلاد الحرمين الشريفين، الذي أعطى الشجاعة حقها، وأهدى الرسالة للعالم أجمع، رسالة المبتعثين الذين دنست سمعتهم بعض وسائل الإعلام المغرضة وألبستهم ثوباً غير ثوبهم، ولكن عبثاً، ففارس الخيل بالمواقف، وشهامة العرب في أصلنا، وعز ة النفس موروثة لأبنائنا، الرجولة وصدق التضحية بمعانيها الحقيقية أمر يدعو للفخر حقاً بشبابنا.
ولا شك أيضاً أن طلاب الطب المبتعثين وفِي أزمة كورونا لهم مواقف عظيمة ومشرفة لوطنهم ورسالته في السلام والتعايش والإنسانية مع الشعوب، والكثير منهم قرر البقاء حيث يدرس ليكون عوناً لرفاقه في محاربة هذا الوباء، وقد سطروا بدراساتهم وبحوثهم نجاحات منقطعة النظير، وتبقى الشهامة لهم عنواناً، شهامة العربي الأصيل.