سلمان بن محمد العُمري
تناولت في مقال سابق موضوع تحديث الصكوك العقارية والجهود التي تبذلها وزارة العدل في تطوير أدائها وخدماتها إلكترونياً، وأشرت إلى ما يشوب هذه الخدمة بالذات من طول إجراءات وتعقيدات يفوق ما كان يبذل منذ وقت وجهد أضعافاً مضاعفة فالخدمة الإلكترونية مع الأسف لم تقدم - كما هو مأمول - بل أخرت الناس وعطلتهم ولا يجد صاحب الصك آذاناً صاغية ومجيبة لمطالبه بل ربما وصلته رسالة أو ملحوظة تخالف سير الإجراءات أو الموضوع، وما زال الأمر يتطلب مراجعة المواطن لكتابة العدل، وللبلديات والأمانات حتى ينهي إجراءاته، فماذا استفدنا من الخدمات الإلكترونية؛ ولعل المسؤولين في وزارة العدل يكونون أرحب صدراً، وفرحاً لمعالجة الأخطاء وإصلاحها، والاعتراف بالمشكلة البداية الحقيقية لحلها، وبمثل فرح مسؤوليها بنشر أخبارهم ومنجزاتهم يجب أن يكونوا أكثر حرصاً على تلقي الملحوظات بصدر رحب، حتى تتلافى المشكلات!
ما أن نزل موضوع الصكوك في المقالة الأسبوعية إلا وأتلقى سيلاً من المكالمات والرسائل ممن أعرفهم، ومن لا أعرفهم، وكل منهم يشكي حاله ووضعه مع هذه الخدمة العجيبة..!، مما يؤكد أن هناك ثمة خلل في سير الإجراءات، وإدارة العمل الإلكتروني يحتاج إلى وقفة حازمة في معالجتها، إضافة إلى أن هناك إجراءات يتوقف عندها منفذ الخدمة الإلكترونية وبعض المرافق العدلية وإن لم يتم تراميها بين كتابة العدل والوزارة وكل يقول يرجعها للآخر، ومما وصلني من رسائل الإخوة عن هذه الخدمة ويستلزم التوضيح من مقام وزارة العدل ما تم الإشارة إليه من تعليقات على المقال في تويتر، ومما وصلني أن أساس مشكلة تحديث الصكوك واحدة، وهي قائمة على قرار وإجراء خاطئ ولكن صاحب القرار اتخذه وهو: نقل جميع سجلات ملكيات العقارات القديمة من كتابات العدل ومنها كتابة العدل الأولى بالمروج بمدينة الرياض بقصد الأرشفة الإلكترونية والرقمنة، وتركوا الناس بلا تحديث، وهذه المماطلة لكسب الوقت، وكان الجدير بهم تصوير ونسخ السجلات وهي في مكانها حماية لأملاك الناس، وأيضاً تقسيمها إلى دفعات مما لا يضر بسير عمل تحديث الصكوك، كما أن هناك ملحوظات، ونماذج منها:
- شكوى الكثير من طول المدة التي قد تمتد لأكثر من ستة أشهر في تحديث صك رغم عدم وجود ملحوظات على ملكية الأرض، أو رهنها، وتقدم صاحب الشأن بنفسه بهذا الطلب وليس ورثة أو شركاء!!.
- تباين الإجراءات بين كتابات العدل في المناطق من حيث المدة والطريقة المتبعة في العمل أو حتى التعامل.
- الصك المشترك بين مجموعة من الملاك وجميعهم أحياء حينما يراد تحديثه يتم تقاذف أصحاب الطلب بين الإدارات وبين كتابة العدل، وكل يرى أنه غير جهة الاختصاص رغم أن الصك صادر منهم، ويظل المراجع في دوامة !!
- منزل قديم بصك شرعي لا يوجد لصاحبته المتوفاة سجل مدني ولا هوية، هو الآخر لا يوجد جهة معينة تنظر فيه رغم صدوره من كتابة العدل ولا يعرف الورثة أين يتجهون فكل يحولهم على الآخر بحجة عدم الاختصاص.!!
- إذا كان العقار المطلوب تحديث بياناته قد استخرج عليه فسح بناء، والبعض الآخر حصل على قرض من الصندوق العقاري، فلماذا يتم طلب مسمى الحي، وهناك وثائق رسمية فيها اسم وبيانات الحي ومن ضمنها وثائق البلدية، ولماذا لا يتم اعتبارها ؟!
- معظم من انتهت إجراءاتهم قالوا إن الأمر تطلب منهم المراجعة الشخصية لكتابة العدل وللبلديات فما فائدة الخدمات الإلكترونية ؟!
هناك إجماع بأن الهدف المطلوب من الخدمة الإلكترونية لم يتحقق وهو التيسير وتحقيق الإجراءات واستثمار التقنية في إنجاز المعاملات، ولكن الغالبية تشتكي من سوء الخدمة، وضعف المتابعة، وطول الإجراءات وكأننا عدنا لزمن لا يتناسب مع هذا العصر الذهبي الذي نعيشه.
وبعد.. فإن هذه المشكلة في استخدام التقنية وسوء التنفيذ ليست قاصرة على وزارة دون أخرى، ولكنها مشكلة قد تكون شبه عامة لدى بعض الدوائر، وإذا كان الجسم عليلاً فلن يساهم في شفائه أي لباس يلبسه حتى لو غلي الثمن أو أصبح من الحرير؛ فالمشكلة في الخدمات الإلكترونية فيمن يديرها ويقوم بالإشراف عليها وتنفيذها، وعدا الخدمات التنفيذية التي تقدمها «أبشر» فهناك بون شاسع بينها وبين الخدمات الحكومية الأخرى.
وختاماً أتمنى أن نسمع من وزارة العدل جوابها على هذا الموضوع قولاً وعملاً. والله من وراء القصد.