عثمان بن حمد أباالخيل
الابتسامة لها وجهان: وجه جميل، ووجه بشع. والفرق بينهما واضح وجلي. الابتسامة الجميلة هي مفتاح مرور لقلوب الناس. أما الابتسامة البشعة فهي جحيم ونار وخفايا مؤلمة. الابتسامة الجميلة تراها على شفاه الذين يحملون في قلوبهم الحب والربيع الدائم. ديننا الإسلامي حث على الابتسامة في وجه أخيك الإنسان؛ فهي تنشر الأمل والتفاؤل؛ ولذلك فإن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - يقول في حديثه الشريف: «تبسمك في وجه أخيك صدقة».
شخصياً أستغرب من الناس العابسين المتجهمين مقطّبي الحواجب، الغليظة شفاههم، كأن وجوهم صحراء جرداء، لا ترويها أمطار الشتاء، فكيف هي في فصل الصيف؟! ثلج مملكتنا هدية فصل الشتاء، والزهور بكل ألوانها ورائحتها هدية فصل الربيع، فلماذا لا تبتسم؟
هناك من يعيش أزمة بوح بالعواطف والأحاسيس والكلام الجميل، ويخجل من البوح بها وإيصالها للطرف الآخر، لماذا نخجل من إظهار مشاعرنا؟ ولماذا لا نخجل حين نغضب ونترك ألسنتها تأخذ راحتها؟ ما هذا التناقض؟ ربما عدم إظهار المشاعر قد يكون سببه ضعف الثقة بالنفس، أو الخوف من الانتقادات من قِبل الآخرين الذين يعيشون خارج أسوار العاطفة والعلاقات الإنسانية.
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال لي النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق». يري البعض - وهذا في رأيي خطأ - أن البوح بالمشاعر من صفات المرأة. ألا يعلمون أن هناك بعض الرجال مرهفي الإحساس ورقيقي المشاعر، وربما يعبّرون عن مشاعرهم أكثر من النساء؟ ألا يعلمون أن هناك بعض الرجال أكثر رومانسية من النساء، لكن -كما يظنون - هذا لا يتناغم مع رجولتهم ناسين أن الرومانسية قمة الرجولة في زمن قلّ فيه الكلام الجميل.
حين يقدم الإنسان الهدية، وحين يشارك الطرف الآخر ما يشعر به، وحين يُسمعه كلامًا جميلاً وابتسامة رقيقة صادقة، حين يدعوه إلى خارج البيت لاحتساء فنجان قهوة، وحين يحترمه ويقدره، وحين يكون رقيقًا وعاطفيًّا، وحين يلبي الطلبات، ولا يملي عليه التصرفات غير المقبولة.. هذا هو الإنسان الرومانسي من ذكر وأنثي.
الإنسان الرومانسي صاحب حس مرهف وقلب حنون، يحب الجمال، لديه قلب كبير، يحب بشدة، ويحزن برفق.
الرومانسية المتبادلة بين الزوجين هي سر الاستقرار العاطفي، ودفء العلاقات.. وقمة الرجولة أن الزوج يتعامل مع زوجته بحب ورقة، ودائمًا يلبي كل متطلباتها، وكل شيء تحتاج إليه، ولا يخدش كبرياءها، وهنا سيرى سيل العاطفة وشموع الفرح والمحبة والاحترام الذي أعتبره ركيزة مهمة في العلاقات بين الزوجين، ومطلبًا ضروريًّا كالماء والهواء.
هناك بعض الأزواج يطلبون من زوجاتهم أن يكُنّ رومانسيات وهم لا يعرفون من الرومانسية سوى اسمها. هو من تراه بملابس غير مرتبة، وربما غير نظيفة، ولا يستخدم العطور، ولا الأحذية الجميلة، ولسانه غير نظيف، فكيف يكون رومانسياً وهو غير مؤهل؟ كيف يطلب من زوجته أن تكون رومانسية دائمًا متناسيًا تقلُّب مزاجها بسبب طبيعتها البيولوجية والنفسية، بمعنى أنها تتأثر جداً بتغيّرات الهرمونات التي تنعكس على مزاجها ونفسيتها، وأنت أيها الزوج لماذا لا تكون رومانسيًّا دائمًا أم هي أنانية ومفهوم الرجولة الخاطئ؟
وفي الختام، تذكري أيتها الزوجة، وتذكر أيها الزوج، تذكر أيها الإنسان أن الكلام الجميل والابتسامة الصادقة هما الرومانسية التي ينشدها الكثيرون.
من أقوالي: (الإنسان دون ابتسامة صادقة يشبه السراب؛ لا يروي العطشان).