حينما تآمر الأعداء من خارج محيط الدولة الإسلامية وداخلها للقضاء على الإسلام، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون معه في المدينة يعدون العدة للمواجهة ودحر العدوان، وقد اجتمعت جيوش الأحزاب ليجعلوا كلمتهم هي العليا وكلمة الله هي السفلى، حتى بلغ ما اجتمع من هذه الجيوش عشرة آلاف مقاتل غير من خان العهد من يهود في المدينة، وغير من أظهر الانهزام النفسي والعداء المتأصل من المنافقين لينسحبوا من المواجهة، واشتد الأمر على المسلمين إذ بقوا في الحصار قريبا من الشهر، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما زال يدعو ربه ويستنصره مع فعل الأسباب فكان من دعائه- صلى الله عليه وسلم- (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم) فأجاب الله عز وجل دعاءه فزلزل قلوبهم بالرعب والفزع وزلزل أبدانهم بالريح الشديدة الباردة فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح آنيتهم وتكب أبنيتهم، وتفرق الأحزاب ولله الحمد والمنة، تفرقوا خائبين {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} فكان النصر المبين بجند الله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين معه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} وما زالت أحزاب الكفر والطاغوت على مر العصور وحتى يومنا هذا ترص صفوف العداء لعقيدة التوحيد ومن تبعها من أهل النهج القويم، وما زال خندق الصد والانتصار يوجب اتخاذ موقف كموقف الصحابة رضي الله عنهم الذين وثقوا بما لديهم وثبتوا عليه كما قال الله تعالى عنهم {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} موقف ليس فيه شك ولا قبول تشكيك، موقف ثابت يدعمه يقين صادق بما وعد الله عباده، وعند الحروب لا بد أن يتلاشى التأثر بكل ما قد يرسله العدو وأنصاره من رسائل تشويش، وتقاريركيد مقصدها بث الفرقة بين صفوف المسلمين، وإذ العالم اليوم أجمع يشاهد بكل أعينه الحسية وغيرها ما يكابده شعب بلاد اليمن من ظلم يقع عليه بأيدي طغمة الشرشرذمة الطغيان من حوثيين ومن ساندهم من أسيادهم أعداء كتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن صهاينة ومنافقين ومنتفعين، بل وظلم يقع عليه حتى من أولئك المتخفين خلف ستار حقوق الإنسان وبعض هيئات الإعانة الدولية، حتى غدت مشاهد التزلف منهم جلية ومواقف التذبذب والتخذيل لديهم واضحة كأسلافهم ممن وصف الله حالهم إذ يقول عز من قائل عنهم {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} إنه ظلم يقع ليل نهار ويتأكد عند استشعار انكسار شرذمة حوث لتتحرك الجموع لإيقاف الانهيار، فإذا أذعن أهل الحق طوعاً لحقن الدماء مع قمع الظالم، تكالبت الأحزاب مرة أخرى، وتظافر الصمت من الجميع إلا مما يرسلونه للتشويه والإرجاف والزعزعة، وهابيننا وبين أعدائنا خندق الحق خندق سلمان، لتتحطم دونه بعون الله كل جهود الظالمين المعتدين مهما تعددت وسائطهم وتنوعت أساليبهم، وتوزعت ميادينهم، قائدنا سلمان الحزم -حفظه الله-، وأمير لوائنا محمد العزم وفقه الله، هم ولاتنا ونحن نحن الثابتون معهم سمعاً وطاعة، ونحن نحن الواثقون بالله ثم بهم وبقراراتهم وقدراتهم، ونحن نحن المستبشرون خيراً كما كان رسولنا -صلى الله عليه وسلم- والحال ضنك وتعب وهو يحفر الخندق ويقول (الله أكبر الله أكبر أبشروا أبشروا) فمبشراتنا بأن النصر قادم، بحول الله وقوته ثم بحكمة وحنكة وحزم وعزم ولاة أمرنا -حفظهم الله- لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة عدوه الحوثي وأسياده هي السفلى، ولتَسلم الأمة ويسلم يمن الإيمان لأهله وليس لعدوهم إلا الخيبة والخسران، والعاقبة للمتقين، والعزة لله ولرسوله والمؤمنين.