محمد آل الشيخ
كثيرون من إخونجيتنا السعوديين، وبالذات الفرع السروري منهم، وأغلبهم سذج مغفلون، لا يعرفون أن علاقة جماعة الإخوان المسلمين بملالي إيران أقدم من علاقتهم بالمملكة وبمثقفيها، لأنهم في الغالب لا يقرؤون، وإنما يُسيّرون، وثانياً لأن التنقيب والبحث والقراءة خارج مؤلفات الجماعة وأدبياتهم منبوذ ولا يشجعون عليه، فالإخواني يجب أن يكون أمام أستاذه كالميت بين يدي من يغسله. كما جاء في شروط البيعة للجماعة، فتلك الجماعة لأنها حركة مسيسة، لا تقيم للتباين العقدي وزناً، لذلك عدها الشيخ الألباني المحدث السلفي الشهير بأن لا علاقة لها بأهل السنة والجماعة.
وكان المستشرق الأيرلندي فريدريك هوليداي قد أصدر بحثاً بعنوان (إيران والإخوان علاقة ملتبسة)، قال فيه إن العلاقة بين الجماعة ونظام الخميني قد بدأت منذ زمن قديم، حيث إن الأهداف والغايات النهائية للطرفين هي (السلطة)، وكل ما يقود إلى السلطة فهو مشروع، حسب القاعدة الشرعية التي تقول (كل ما يتم الواجب إلا به فهو واجب)؛ كما يخرجون تدليسهم، وطالما أن الأمة الإسلامية واحدة، وإن اختلفت اجتهادات طوائفها، إلا أن ذلك يسوغ للمسلم عدم الاكتراث بالعقيدة لسمو الهدف النهائي كما يزعمون، وهذا أحد ثوابت الإسلام عند هذه الجماعة.
وكان رجل الدين الشيعي المتطرف «نواب صفوي» قد زار القاهرة عام 1945 واجتمع بالإخواني «سيد قطب»، وكان البنا ومعه شيخ الأزهر شلتوت قد ألفا جمعية للتقارب بين المذاهب عام 1948، وأفتى شيخ الأزهر شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الاثني عشري، والمضحك أن الشيعة في المقابل لم يجيزوا التعبد بمذاهب أهل السنة. كما يطلب ملالي ايران من مريديهم الشيعة قراءة كتب الإخواني «سيد قطب»، وكان علي خامنئي الولي الفقيه الحالي هو من نقل كتب سيد قطب من العربية إلى الفارسية. وعندما نجحت ثورة الخميني كانت طائرة تضم عدداً من كوادر جماعة الإخوان ثاني طائرة حطت في مطار طهران للتهنئة بنجاح الثورة، فلم يسبقها إلا طائرة ياسر عرفات الذي قلب له الخميني ظهر المجن فيما بعد؛ ولم يكن التقارب بين حركة الخميني وجماعة الإخوان تقارباً بين مذهبين كما ادعوا تدليساً وإفكاً، وإنما تقارب بين مشروعين سياسيين لا يقيمان للتباين العقدي ونقاء العقيدة أي اهتمام.
ومن يرصد سياسات وممارسات التوجهين، الخمينية وجماعة الإخوان المسلمين، يجد بوضوح أنهما يتخادمان، فقناة الجزيرة القطرية مثلاً لا يمكن أن تنتقد نظام الملالي، ولا أي من أذرعتها في مشاريعها التوسعية في البلدان العربية، كما أنها -أي الجزيرة- تجهد بإبراز ونشر بيانات المتحدثين الحوثيين، وكذلك الأمر بالنسبة لحماس والجهاد في غزة، على اعتبار أنهم ذراعان من أذرعة إيران هناك؛ والأمر ينطبق على ميليشيات حزب الله في لبنان.
وفي الربيع العربي حدث شيء من التباين، إلا أن هذا التباين كان في التفاصيل، أما الاستراتيجيات فبقيت راسخة متينة حتى اليوم؛ بل إن الهالك اللبناني السني «فتحي يكن»، وهو أحد كبار منظري الإخوان في بلاد الشام قد قال: (الصحوة الإسلامية تستمد عقيدتها من ثلاث مدارس، حسن البنا، وسيد قطب، والخميني).
الآن، وبعد أن تصدى لها خادم الحرمين الملك سلمان من خلال ولي عهده وساعده الأمير محمد بن سلمان، وصدر بيان كبار مجلس العلماء بتجريمها، وكذلك فعل الأزهر في مصر، فقد تزلزلت الأرض تحت أقدام أساطينها، وضعفت جماهيريتهم ضعفاً كبيراً، إلا أنها أصبحت تعمل خارج البلاد العربية، لهذا فإذا لم يتم إنشاء مؤسسات منظمة تعمل ليل نهار على مواجهة خطابها التدميري، والعمل على تشويهها وشيطنتها وتحذير الناس منها، فستبقى تتحين الفرص لتبعث خطابها من جديد.
إلى اللقاء